عرقلة التنمية المحليةبالقنيطرة : حين تصبح المصالح الشخصية فوق المصلحة العامة

حليمة المجاهد:

عرفت مدينة القنيطرة خلال دورة فبراير لمجلسها الجماعي مشهدا متكررا يعكس أزمة الحكامة المحلية في العديد من المدن المغربية. فبعد تأجيل دورتين متتاليتين بسبب عدم توفر النصاب القانوني، انعقدت الدورة الثالثة بمن حضر، وهي جلسة كان من المفترض أن تتيح للرئيسة تمرير القرارات والصفقات الضرورية لتسيير الشأن المحلي. غير أن المفاجأة كانت في الحضور الجماعي لكافة المنتخبين، من الأغلبية والمعارضة، لا بهدف مناقشة القضايا الجوهرية، بل بغرض العرقلة والتشويش.

عرقلة ممنهجة لا علاقة لها بالمصلحة العامة

لم يكن الهدف من الحضور الجماعي تقديم مقترحات بناءة أو تحسين المشاريع المطروحة، بل على العكس، كانت الجلسة ساحة للمشاحنات والخصومات التي تركت أثرًا سلبيًا لدى متابعي الشأن المحلي وسكان المدينة. تحولت القاعة إلى فضاء للجدالات العقيمة، حيث تعالت الأصوات وتشابكت المصالح، دون أن يكون هناك أي نقاش فعلي يخدم القنيطريين.
إن ما يحدث في القنيطرة ليس استثناء، بل نموذج لما تعانيه مدن مغربية أخرى، حيث يسود منطق الحسابات الضيقة والمصالح الشخصية على حساب التنمية. المنتخبون، عوض أن يكونوا في خدمة المواطن، يتحولون إلى أدوات لعرقلة المشاريع والإصلاحات حين لا تتماشى مع أجنداتهم الخاصة. وعندما لا يستجيب الرئيس لمطالبهم الملتوية، يتحدون ضده، ليس دفاعًا عن المصلحة العامة، ولكن لضمان استمرار امتيازاتهم.

إلى متى يبقى مصير المدن رهينًا بمصالح شخصية؟
في ظل هذا الواقع، يُطرح تساؤل ملحّ: لماذا لا تتدخل الدولة لوضع حد لهذا العبث السياسي؟ لا يعقل أن تظل تنمية المدن مرهونة بأيدي مجموعة من المنتخبين الذين يفتقرون أحيانًا إلى الكفاءة، ويغلبون منافعهم الخاصة على مصلحة السكان. إن استمرار هذا الوضع يعرقل التنمية ويُفقد المواطنين الثقة في المؤسسات المنتخبة، مما يعمّق أزمة التسيير المحلي ويُضعف التجربة الديمقراطية برمتها.
ألم يحن الوقت لإعادة النظر في الآليات التي تحكم عمل الجماعات المحلية، ولتفعيل آليات المساءلة والمحاسبة حتى لا تبقى المدن رهينة صراعات فارغة، يدفع ثمنها المواطن وحده؟

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.