حين تتحول مدن الهامش إلى محطات قسرية للهجرة..!!
بقلم : عبد العزيز برعود :
مع تصاعد موجات الهجرة غير النظامية في السنوات الأخيرة نحو دول شمال إفريقيا، وتوقيع المغرب على عدد من الاتفاقيات الدولية المتعلقة باستقبال مهاجري دول الساحل والصحراء، شهدت المدن الكبرى مثل الرباط والدار البيضاء وطنجة توافدًا غير مسبوق لهؤلاء المهاجرين.
هذا التزايد خلق حالة من التوتر والارتباك الأمني، خصوصًا مع توالي أحداث العنف في بعض المناطق، ما دفع السلطات المغربية إلى إطلاق حملات ترحيل واسعة للمهاجرين نحو المدن الهامشية، وعلى رأسها مدينة وادي زم، تحت ذريعة تنظيم الفضاء العام، ومحاربة الجريمة، وتخفيف الضغط عن المدن الكبرى، دون الأخذ بعين الاعتبار هشاشة البنية الاقتصادية والاجتماعية لهذه المدن المستقبِلة.
وقد أثارت هذه المقاربة الأمنية انتقادات واسعة من قبل منظمات المجتمع المدني والهيئات الحقوقية والسياسية، التي رأت في هذه الإجراءات غيابًا لرؤية شمولية وبُعد إنساني في التعاطي مع ملف الهجرة.
فتحولت مدن الهامش إلى مراكز استقبال غير رسمية لعشرات المهاجرين، دون توفير أي دعم اجتماعي أو لوجستي، ما أدى إلى احتكاكات متزايدة مع الساكنة المحلية، التي تعاني هي الأخرى من التهميش والبطالة وضعف الخدمات الأساسية.
هذه السياسات لا تمثل حلاً حقيقيًا، بل تساهم فقط في نقل الأزمة من مدينة إلى أخرى، وتزيد من تعقيد الأوضاع الاجتماعية في المدن المستقبلة. وقد عبّر عدد من نشطاء وادي زم عن قلقهم من تصاعد مظاهر العنف وتهديد الأمن العام بسبب بعض السلوكيات الإجرامية المنسوبة إلى المهاجرين، مطالبين بتدخل عاجل من الدولة لمعالجة الوضع قبل أن يتطور إلى أزمة أمنية واجتماعية حادة.
كما شددوا على أن المدينة لا تتحمل المزيد من الضغوط، في ظل ارتفاع نسب البطالة، وغياب البنية التحتية الكافية، وغياب برامج تنموية تواكب هذه التحولات.
من جهتها، تطالب منظمات حقوقية باعتماد سياسة وطنية للهجرة ترتكز على مبادئ الإدماج والعدالة والإنصاف، وتأخذ بعين الاعتبار هشاشة المدن الصغيرة، بدل تحويلها إلى “مكبّات” للهجرة القسرية.
وترى هذه الهيئات أن الاستمرار في الحلول الأمنية لن يؤدي سوى إلى تفاقم الأوضاع، والإضرار بصورة المغرب كبلد يدّعي احترامه لحقوق الإنسان.
فترحيل المهاجرين إلى مدن مثل وادي زم لا يشكل حلاً، بل يُعد هروبًا من المسؤولية وترحيلًا للأزمة. هذه المدن لا يجب أن تتحمل نتائج سياسات مركزية فاشلة، بل من حقها تنمية عادلة وشاملة، كما أن للمهاجرين الحق في معاملة إنسانية تحفظ كرامتهم وتصون حقوقهم.