اليوم الوطني للمهاجر… بين بروتوكول بارد وواقع مهين ..العراءش نموذجا: غياب المسؤولين وتميز واضح بالترحيب
بقلم: مريم مستور:
في كل سنة، يُحتفى باليوم الوطني للمهاجر داخل الوطن، في خطوة يُفترض أن تعكس التقدير للجالية المغربية بالخارج، وتوطد علاقتها ببلدها الأم. لكن الواقع، كما تكشفه شهادات من داخل بعض المدن، بعيد عن روح المناسبة وأهدافها النبيلة.
في مدينة العرائش، على سبيل المثال، أُقيم لقاء بهذه المناسبة، دُعي إليه عدد من أبناء وبنات الجالية ممن لهم حضور ومكانة في المهجر، ومن بينهم أصدقاء من أصحاب التجارب الناجحة بالخارج. لكن عند الحضور، صُدم الجميع بغياب كامل لعامل المدينة ورئيس الجماعة، وكأن المناسبة لا تستحق اهتمام المسؤولين أو على الأقل وجودهم الرمزي.
الأمر لم يقف عند حدود الغياب الرسمي، بل امتد إلى تفاصيل صغيرة لكنها محمّلة بالمعاني.
فقد لاحظ الحاضرون وجود تمييز واضح في المعاملة بين بعض المدعوين؛ حيث قُدمت للحاضرين من السلطة أطباق حلويات متنوعة وفاخرة، بينما اكتفى الباقون بكأس عصير وحلوى رخيصة. تفاصيل قد تبدو بسيطة، لكنها أرسلت رسالة قاسية مفادها: “أنتم هنا للزينة، لا للشراكة الحقيقية”.
هنا يُطرح السؤال الكبير:
ما دور الجالية في نظر هؤلاء المسؤولين؟ أليس من حق المهاجر أن يجلس مع ممثلي مدينته ومسؤوليها على قدم المساواة؟
أليس هذا اليوم مناسبة للتواصل المباشر، وسماع انشغالاتهم، وتقدير تضحياتهم، بدل اختزالهم في صورة “عملة صعبة” أو “بقرة حلوب”؟
للأسف، ما زالت بعض العقليات تتعامل مع المهاجر باعتباره مواطناً من درجة ثانية، لا يحتاج سوى إلى التصفيق والمشاهدة، دون أن يُسمح له بالمشاركة الفعلية أو التعبير عن رأيه. هذه الممارسات تفرغ اليوم الوطني للمهاجر من محتواه، وتحوله إلى نشاط بروتوكولي بلا مضمون، بينما يظل حلم جالية الخارج هو أن تجد في وطنها احتضاناً حقيقياً لا مشهداً شكلياً.
إذا كان الهدف من اليوم الوطني للمهاجر هو بناء جسر حقيقي بين الوطن وأبنائه بالخارج، فلا بد من إعادة النظر في طريقة تنظيمه ومضمونه.
المطلوب هو فتح حوار صريح مع الجالية، والاستماع لمشاكلها، وتقدير كفاءاتها، واحترام مساهمتها في تنمية البلاد، بدل حصرها في أدوار رمزية أو تعامل فئوي يُشعرها بالتهميش. عندها فقط سيصبح هذا اليوم يوماً للافتخار والاعتزاز، لا يوماً لتذكير المهاجر بمسافة البعد بينه وبين وطنه.