من خومييا الى بالما…مبادرات منع الصلاة الجماعية… خطوة سياسية تهدد قلب الديمقراطية الإسبانية

بقلم ✍️  مريم مستور :

في مشهد يعكس تصاعد الخطاب الإقصائي في الساحة السياسية الإسبانية، يدرس حزب فوكس في بالما دي مايوركا تقديم مقترح لحظر الصلوات الجماعية للمسلمين في الأماكن العامة، أسوة بما حدث في خومييّا بإقليم مورسيا.
هذه المبادرة، التي قد تُطرح للتصويت في سبتمبر أو أكتوبر، تستهدف بشكل مباشر تجمعات دينية سلمية تُقام مرتين سنوياً بمناسبة عيد الفطر وعيد الأضحى، وتجمع آلاف المصلين من مختلف الجنسيات في منشآت رياضية بلدية.

لكن خلف هذا الجدل، يلوح خطر أكبر: المساس بحق أساسي يكفله الدستور الإسباني – حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية. ففي دولة ديمقراطية، يفترض أن تكون القوانين أداة لحماية التنوع وضمان التعايش، لا وسيلة لتأجيج الانقسام واستهداف أقلية بعينها.

_ربط الدين بالأمن والهجرة في الخطاب السياسي، وتحويله إلى ورقة انتخابية، ليس مجرد رأي مثير للجدل، بل انحراف عن المبادئ التي بُنيت عليها الديمقراطية الإسبانية بعد عقود من الديكتاتورية. فالمساس بحرية العبادة اليوم يعني فتح الباب لمساس بحرية التعبير غداً، ولتقييد أي حق من الحقوق الدستورية حين تتغير الظروف أو تتبدل المصالح.

فأصوات الجالية تندد لهذه العنصرية في حقهم.
ففي حديث مع أحد المصلين في بالما، قال محمد، وهو مقيم منذ 22 عاماً في إسبانيا:

“نحن جزء من هذه المدينة، نعمل وندفع الضرائب، وكل ما نطلبه هو أن نصلي في أمان. تحويل عبادتنا إلى قضية سياسية يشعرنا أننا غرباء في وطننا الثاني”.

 

أما فاطمة، وهي أم لثلاثة أطفال، فتقول:

“أريد أن يرى أطفالي أن إسبانيا بلد يحترم الجميع، بغض النظر عن دينهم. إذا بدأنا بمنع الصلاة اليوم، ماذا سنمنع غداً؟”.

يعتمد تمرير هذا المقترح على موقف حزب الشعب، الذي سيكون أمام اختبار حقيقي: إما أن يصون التزامه بحماية الحريات والحقوق، أو أن ينجرّ خلف مزايدات سياسية قصيرة المدى على حساب أسس التعايش السلمي.

إن الديمقراطية لا تُقاس فقط بصناديق الاقتراع، بل أيضاً بقدرتها على حماية أضعف مواطنيها من التمييز. وما يحدث اليوم في بالما وخومييّا ليس مجرد نقاش محلي، بل جرس إنذار لإسبانيا بأكملها: هل سنسمح بتحويل التنوع إلى تهمة، والحرية إلى امتياز لفئة دون أخرى؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.