الشاعرة اللبنانية ندى الحاج تكتب قصيدة” سر الحضور”

 

خطوةً خطوةً يطويها الزَّبَد
خطوةً خطوةً أُمهِّدُ لكَ
تَسقيني سرَّ الحضور
بتَوهُّجِ وسِرايةِ البرْق
ولا يعودُ الكونُ كما كان…
يومَ صارَ الشجرُ دائرياً، والبحرُ سماوياً
وارتدتْ الشمسُ روحي
انعتقتْ نفسي إليكَ
أن أحِبَ كما أحببتَني
وتتدفّقَ في أعماقي أنهارٌ حيَّة
أن أعطيَ كما أعطيتَني
إليكَ أصيرُ، ومنكَ أفيضُ
أَسبِغْ عليَّ نورَكَ، ولأنسكِبْ في بهائِكَ
أنا الصاحيةُ في بيتكَ ليلاً نهاراً
لا البابُ موصَداً، ولا النوافذ
تخشعُ الشمسُ أمامكَ، فتُصعَق
ويتصوَّفُ القمرُ عِشقاً، فيختفي
والقلبُ الموصولُ يبحثُ عنكَ في خفْقِ الوجْدِ…
كما خلقتَني وتلمسُني
أرمي عندكَ ذاتي، وأعرفُ أنكَ يقيني
لن يتوقفَ لُهاثي حولَ عرشِكَ
حتى تضمَّني بين جواهرِكَ
أسافرُ على أجنحةِ المعرفة
بلا وسيطٍ ولا دليلٍ سوى إشارةٍ منكَ
تلك المتدَثِّرةُ بطيّاتِ الوعي
والآمنةُ في اللاوعي
والغابِرةُ في أعماقِ الكيان
إشارةٌ منكَ تعبُرُ المجهولَ والمعلوم
تُوحِّدُ الظاهرَ والباطن
وتسبحُ الأفلاكُ في أزليّةِ القلوب…
كما رسمتَني وتحفظُني
أُجدِّدُ لكَ بالحروفِ والأذكار
بالتهاليلِ والترانيم
بالصمتِ والهُتاف
وبكل ألوانِ الصفاء
وعودي النائمة في فراديسِ الخليقة.

قصيدة من كتاب الشاعرة   “عابرُ الدهشة” الصادر عن دار المتوسط -إيطاليا ٢٠٢٠

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.