“جيم ” تَحْتَ الوِصاية ..! بقلم الدكتورة ثريا بن الشيخ

فوجئْتُ مساءَ اليوم بمكالمات مُتعدّدة مِن أرْقام لا تَدخل ضِمن لائحة الأصدقاء: ترددتُ في البداية، ثم أذْعنت في النهاية وبهدوئي المعهود. فكانت المفاجأة غير متوقعة. فقد كانت مكالمةً من المسؤولة عن التّواصل في رابطة كاتبات المغرب، والتي بادَرتْ بمُساءلتي عن مُبرّر ” جيم ” وضعتُها تحتَ منشور يتساءلُ عنْ مُستقبل اتّحاد كتابِ المغرب ورابطة كاتبات المغرب معا . لقد استَغْربت فعلا كيفَ سَمحَت لنَفسها بالتّدخّل في حرّيتي الشخصية في التفاعل مع ما أراهُ مناسبا داخل الفضاء الأزرق أو غيره من الوسائط ، فقدْ أضَعُ “جيم” على أي تصوّر أو مَوقف حتّى ولو كان يُخالِف رأيي الشخصي إيمانا بحرية الفكر والاِعتقاد والتصَور ، إيمانا بالحوار الثقافي والحضاري الذي يؤمن بالاِختلاف والتعدد ومرونة الاِنتماء . استغربتُ فعلا ، فمن مبادئ الرابطة ديموقراطية الفكر وحرية الرأي والاعتقاد حسب ماورد في إطارها النظري. لم يكن الاِتّصال حوارا وإنما شِبه تهديدٍ بضرورة اتخاذ موقف واضح طالما أنني قمْتُ بتوقيع كتاباتي ضمن أنشطة الرابطة في المعرض الدّولي للكتاب . لم يَسْلُكِ الخطابُ أساليبَ الحوار المرِن الذي يحترم المخاطب وينزله منزلته الفكرية والإنسانية ، بل اكتَسى طابَع الإرهاب الفكري ، وكأنّ الأمر يرتبطُ بمسألةِ حياة أو موتٍ أو بخيانة تمَسّ الأمنَ العام . والواقع أنني شاركت ضمن الرابطة بطلب من إحدى الزميلات التي تربِطني بها علاقة إنسانية جميلة ، وليس لديّ أيّ ارتباط انتماءٍ أو مسؤوليةٍ ضِمن الأطر الرُسمية الفاعلة ، ولا دورَ لي فيما تعرفُه الرابطةُ من مَتاعب . فلا يُسمح أبداً للمسؤولة عن التّواصل في أيّ مجال وضعُ الآخرين تحتَ الوصاية أو تقييدُ تفاعلاتهم على مستوى الوسائط الإلكترونية ، فلسْنا عبيدا تَحْت سُلطة أحد ، فنحن في مغرب الحريات ، نَنعم بحقوقنا الدّستورية في التعبير والتفكير والاِنتماء ، ولا نَسْمح بأيّ تجاوز سافِرٍ يُصادِر حقوقا ومكتسبات تحققت بعد عناء . لم تكن المكالمة دعوةً للحوار ، وإنما مظهرا للقمع والاِستبداد في سياق تداوليّ غير خاضع لأي تقدير للمسؤولية أو احترام شروط التواصل المنتج ، وأكملت المكالمة بشبه تهديد باتخاذ الإجراءات اللّازمة تجاه من يعارض سياسة الرابطة أو يضع ” جيم ” على أي رسالة أو تدوينة أو مقال يخرج عن إرادة سلطة الرابطة . والواضح أن أسلوب الرابطة في مواجهة ما يعترض رهاناتها يُعيدنا من جديد إلى أساليبِ القرنِ الماضي التّي لم يَعُد السياقُ الحَضاري الجديد يَسمح باستمرارها . والحالةُ هته ، فقد أصْبحتَ الدّعوة إلى تَكْميم الأفواهِ وتَقْييدِ التّفاعلات تكتَسي طابعا “نسائيا” ولأوّل مرّة في تاريخ الأنترنت .
ألا هل بلغت ؟ اللهم فاشهد ..

الدكتورة ثريا بن الشيخ .
15 / 06 / 2023 / المزرعة .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.