برهان انحطاط الثقافة: إعلاءُ التّافهين وإسقاط القدوة

مفيدة السياري/

إنّ الأب و الأم و…. المربّى والفنّان والمثقّف الشاعر و الأديب والإعلامي…. قدوات في المجتمع ، فإذا سقطوا سقطت معهم كل القيم والمبادئ.
وهذا التيّار العاصف الذي تولول رياحه من كل جانب يبحث عن أي كوّة ليدخل ويوغل في الزحف ناهشا كل تربة صالحة فلا يُبقِي إلاّ على عجاف النبت أو على بيداء يرتع فيها ويراقص ورقات الوَهَن والموت في الإعلام والمسلسلات والأفلام وفي الكتاب الذي عهدناه خير ذخر لبناء الإنسان والسّمو به.
هو الإصرار على هدم القدوة وإسقاطه وإعلاء البديل القالب الجاهز وهو اللاقدوة و اللاّأخلاق واللاّمعرفة ، فتحضر الحرّية المطلقة اللاّهثة وراء الفوضى والمجون والزيغ عن ضوابط الأسرة والمجتمع والإنسانية ، وبالتالي تنعدم أيّة ضابطة تضبط مسار المجتمع وفق مجموعة قيم، فينعدم المواطن الفاعل وينتشر نموذج المنحرف المدمن والمقامر والراكض وراء هواه ومتعته وإن باع أرضه وعرضه. هؤلاء بإسقاط القدوة يبرزون لأبنائنا كنموذج بطولي يرون
في الخروج عن القانون والعرف والأخلاق شهرة ومالا ونجومية فلا ينشدون التعليم ولا القيم النبيلة كالضمير المهني والتضحية والحب والتعاون والصدق وإيثار النفس … .
هو إعلاء للعهر والدعارة والانحراف، تسقط المرأة الأم الحافظة للأمانة. ويسقط الأب عتبة استقرار الإبن نفسيا وذهنيا وسلوكيا. فلا نجد أرضية صلبة يقف عليها أبناؤنا إذ بهدم القيم يسقط الإنسان.
أبناؤنا أمام طينة هجينة من هؤلاء المشهورين الذين شربوا من عفن السجون والخيانة والمخدرات، فاشتهروا وشكّلوا الوجهة النموذج لجيل همّشوا له معنى المعلّم والأب والأم والمثقف الحقيقي وشكّّكوا في الطريق المنير صوب بناء كيان سوي للإنسان، وولجوا عالم الكتاب الذي نراه عالما مقدّسا بما يحمله من معارف وعلوم ودعوة إلى تفتيق العقل والتفكير، ننشد من خلاله مدينة فاضلة برؤى نقيّة متفرّدة مبهرة لحياة سويّة فيها الفن الحقيقي يشكّل إنسانا عظيما!!! ماعاد أبناؤنا يثقون في كل الذين حولهم وقد علت هذه الطبول ترجّ سكونهم وتدعوهم للرّقص حول الفراغ وحول العدم في قانون الغاب البقاء فيه للأكثر ابتذالا وإسفافا.

إنّ استقرار مجتمع ما ومقياس رقيّه وتحضّره هي القيم والتي نجدها بوجود القدوة. وإسقاطه يعني غياب القائد والملهم والموجِّه في بيئته التي ستتحوّل إلى غابة لا ضوابط تحكمها سواء داخل الأسرة أو خارجها…..

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.