جزء يسير من تاريخ الأخوين (الحسن والحسين وغليمة) بوادي زم

عبد العزيز لعسلي. وادي زم

 

فعلا صورة تاريخية بالنسبة لمدينة وادي زم، وهي لإحدى الأخوين (الحسن و الحسين وكان يطلق عليهما (العوينة والقرطاس) ،وكانا رحمهما الله يرفضان ولا يقبلان سماع هذه الألقاب ،وينفعلان من جراء سماعها ، الى حد مهاجمة كل شخص ينعتهما بهذه الاسماء خصوصا منهما الذي كان ينعت بالقرطاس،  وكان دائماً يرد بكلمات (يضرب بوك  القلب) .أما المرأة التي توجد بالصورة فقد كانت تلقب ب”غليمة” هذه الأخيرة كانت تائهة، حيث أصابها الهذيان والهلوسة وتتكلم وتبحث باستمرار عن ابنها ،وهي فعلا كانت مصدومة ربما من فقدانه وكانت تحمل على ظهرها دائماً رزمة ثقيلة من الأغطية والملابس والأكل ،و كنا نسميه آنذاك ونحن أطفال صغار بالصاروخ نظرا لكبر حجم الحمولة ،كانت كثيرة الترحال بين مدينة وادي زم وبوجنيبة وبين كل القرى المنجمية راجلة ،وقد قاست كثيرا المسكينة في حياتها و توفيت على اثر حادثة سير بين وادي زم وبوجنيبة رحمة الله عليها. أما الأخوان (الحسن والحسين) فقد كانا يشتغلان بالمكتب الوطني للكهرباء وتم طردهما بعد سجنهما وتعذيبهما ويحكى ان هذا الامر هو الذي كان السبب الرئيسي في تشردهما والحمق الذي أصابهما ،وعلى الرغم من ذلك أصبحا يتاجران في البهائم في السوق التي كانت تقام على الأرض التي بنيت عليها مدرسة (ابن حبوس) حيث كانت كل تلك الأرض فارغة وكان يوجد عليها ملعب لممارسة كرة القدم وبجواره بئر وبعض الأشجار ، ونتيجة ذلك أصبحا بدون مأوى يفترشان الارض ويسكنان المقاهي والمغاور والمساكن المهجورة ،وقد تمكنا من قرصنة الكهرباء من احدى الأعمدة لإضاءة محل في الخلاء كانا ينامان به، وأصبح بمثابة سكن لهما وهو الذي يوجد بقرب (عين الحاجبات) بمحاذاة الطريق المؤدية لمدينة الفقيه بن صالح وكذلك ب(عين عائشة) حيث كانا ينامان بإحدى المغاور هناك .وهكذا بعض ضبطهما رحلا الى احدى المغاور grotte بقرب “الدشر” الذي يوجد قبالة ضريح (سيدي عبدالعزيز) وقريب من سكن الوالدين ، وكانت دائما ترافقهما كلبة يطلقون عليها اسم” راحة “وقد استقرا هناك الى أن وافت أحدهما المنية وبقي الآخر يقاسي ويتحرك لوحده، لكنه بعد مدة قصيرة تأثر كثيرا من جراء موت أخيه ولَم يستطيع تحمل تلك الصدمة حيث بقي تائها وكان هذا السبب هو الرئيسي الذي عجل هو كذلك بموته .كانت أكلتهم المفضلة هي الإسفنج وشرب الشاي .ومادام مقرهم كان قرب سكن الوالدين فكنا أنا واخوتي في الحقيقة رغم صغر السن نتعامل معهم بلطف وحنان عكس جل أقراننا في تلك المرحلة. وللتاريخ فقد كان الاخوان غالبا ما يلتقيا بالمرأة “غليمة” ويقتسما معها الطعام والملبس ومواد أخرى، وكانت تسود روح المودة والاحترام بين الأخوين و”غليمة”.. في الحقيقة هؤلاء الأشخاص الثلاثة كانوا من “الأساطير” والتحف النادرة التي عرفتها مدينة وادي زم وكل واحد منهما يجر وراءه حكاية أو حكايات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.