الإعلام و تزييف الوعي الإجتماعي

 ملكة محمد أكجيل/

لا طالما كانت وسائل الإعلام حليفا و ربيبا للانظمة السياسية و الإقتصادية حتى تتفادى المؤسسات الإعلامية مقص الرقابة أو العقوبات الزجرية . و أحيانا تصطف في خانة الناطق الرسمي بدون منازع لهذه المؤسسات .
فقدرة الإعلام خارقة في تزييف الحقيقة و تكميم وعي الناس من خلال تواطؤ النظام السياسي والاعلامي و تسخير قدرات مادية هائلة و اأنماط فكرية ممنهجة إلى عموم الجماهير التي تتصف بالفقر الفكري و الرؤية الضيقة و الآنية للقضايا المصيرية وضعف التماسك الثقافي و المطلبي لفئة المجتمع .

وخطورة هذا الإعلام تكمن في تسربه الناعم بكل وسائله الداعرة و التي تتخذ اشكالا ذات بعد على المدى المتوسط و البعيد عبر ممارستنا اليومية على التلفاز و الجرائد و مواقع التواصل الإجتماعي و الاشهارات و خطابات مباشرة و غير مباشرة حتى في شكل تغليف مشترياتنا لتشكل تفكيرنا كيفما يشاء .

سلب الإرادة و خضوع بدون ادنى مقاومة هي خبرة يتفوق أغلب الإعلام العربي ؛ فماكان مستحيلا مند جيلين اصبح ممكنا بل واقعا الآن ؛ يد الإعلام طويلة حيث تعجز الأنظمة السياسية ؛ فهي تدين تحضيرا لبطش السلطة بمباركة الجماهير ؛ و تمجد ؛ بوقا لتمرير القرارات التي قد يرفضها الشعب كما تصبح دعاية لتفاهات أشخاص و مصالح ذاتية.

يبقى السؤال المطروح هل هذه هي السلطة الرابعة ؟
ألم يكن الإعلام وسيلة لرفع صوت المواطنين ؟
ربما وظيفة المعارضة أصبحت منهكة أكثر و العولمة أخذت الكثير من شفافيته و نزاهته كذلك حزب الجماهير لايملك مايسد به رمق منخرطيه و قل منظريه ، فتغيرت الإدلوجيات و لم يعد هناك أبطال في صفوف الشعوب . فتصدرت قنوات “البريستيج الفضائية ” المشهد الإعلامي و اصبحت تتهافت على مواضيع الرذيلة و أخبار الصاعقة و خنادق الفكر الإباحي وأصبحنا أمام برامج “الشو ” و” البوز ” و عهر إعلامي لايمت بصلة لطموحات المتلقي الذي هو أيضا أصبح ذوقه فاسدا و فكره داعرا .

صنع إعلاميات الواجهة بات موضة العصر تتصارع عليها المنصات الخبرية و الثقافية ؛ فشد إنتباه الجمهور يتم عبر وجوه نسائية لاتعرف أحيانا كتابة طلب عمل خطي فالأهم هو مذكرة العنوانين لإعلامية الدعاية و إتقانها جلب المتابعين ذوي التعليم المنخفض و المتوسط ببرامج الصاعقة
التي تعتمد على سلوك معين او إشهار لعمل تافه .
و الغريب أنه هكذا وجوه تلقي خطابا لاتدرك من فحواه سوى إسمها بالبنذ العريض و التصفيق

لكن هناك دائما استثناءات في أي مجال كذلك في الإعلام ؛ البعض يحاول إنقاذ مايمكن إنقاده عبر منابر إعلامية تكاد تكون يتيمة بسبب الترهيب و محاربة الفكر الهادف و تعرية حقيقة الوضع في المجتمعات سواء كان إقتصاديا أو سياسيا أو إجتماعيا .

ربما لو تكلمت هذه المنابر عن أزمة التعليم ستتهم بالجهل و إنعدام الرؤية الإجابية و نشر السودادية و لو اتارت واقعا سياسيا ستصبح خائنة لوطنها و لو وضحت معضلة إجتماعية تكون قد تعدت إختصاصتها .
لكن لو أتت بخبر السبق من فضائح فردية سيصفق لها ذوي الخواء الفكري و سكان الحضبض الأخلاقي.

حرية التعبير ليست هي حرية غناء المواويل و التمايل و فن التطبيل لكل صغيرة و كبيرة .
حرية التعبير أن نرفع هموم المجتمع بدون خوف الى ذوي الإختصاص و المسؤولين مادام ممثلي الشعب في سبات طويل ، هي أن نعطي لأقلامنا نكهة إجتماعية و يمتزج عبرها حبرنا بنبض أحلام المحرومين و نرتقي بالكتابة الصحفية لتسمو أذواقنا .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.