خديجة أسد وعزيز سعد الله): ثنائي فني ومسرحي وسينمائي ناجح وحقيقي

مجدالدين سعودي رئيس التحرير/
 
استهلال:

مساء الأربعاء 25 يناير 2023، غادرتنا الى دار البقاء الفنانة المغربية خديجة أسد) عن سن يناهز 71 عاما، وذلك بعد معاناة وصراع طويل مع المرض.
رحيل مفاجئ لفنانة حقيقية ارتبط اسمها فنيا واجتماعيا، لمدة تفوق 30 سنة، برفيقها وشريكها في المسرح والسينما والتلفزيون والحياة الفنان عزيز سعد الله الذي غادرنا بدوره، عام 2020، فهذا الثنائي كان من أكثر الثنائيات الفنية الحقيقية نجاحا وعطاء في الساحة الوطنية.
 
1 ثنائي فني حقيقي وناجح ومتميز
 
(خديجة أسد وسعد الله عزيز) شكلا ثنائيا فنيا رائدا، جمعهما العديد من المسرحيات والمسلسلات التلفزيونية والسينمائية، كان أشهرها ستيكوم (للا فاطمة) الذي جمع بين الفرجة والمتعة معا.

حضورهما كان ثنائيا واستثنائيا وجماهيريا، فلا يمكن الحديث عن خديجة أسد دون عزيز سعد الله، ولا يمكن الحديث عن عزيز سعد الله دون الحديث عن خديجة أسد، انهما وجهان لعملة واحدة اسمها الحب والصفاء والعطاء.. لقد كانا شخصين بجسد وروح واحدة.
لا يختلفالناس على صدق ووفاء وجمال قصة الحب التي جمعت الثنائي الفني، عزيز سعد الله وخديجة أسد، في مسيرة العطاء التي دامت أزيد من 30 سنة من العطاء.
من الأكيد أن الجمهور المغربي سيتذكر بحنين صوت عزيز سعد الله رفقة زوجته خديجة أسد في عدة أفلام مدبلجة إلى الدارجة المغربية التي اشتهر بها إبراهيم السايح، ومنها الفيلم الهندي الرومانسي (الحب هو الحياة) والأغاني العاطفية الجميلة والطبيعة الخلابة.
 
 
2 أعمال فنية وعطاء مستمر
 
التقى الثنائي الناجح والصادق (عزيز سعد الله بخديجة أسد) عندما كانا يدرسان بالمعهد البلدي للموسيقى والرقص والفنون الدرامية في الدار البيضاء، وخلال تلك الفترة الذهبية شاركا معا في عدة مسرحيات كـ(الدروج) (1969) مع صلاح الدين بنموسى و(ديوان سيدي عبد الرحمان المجدوب) (1969) مع الطيب الصديقيي و(مونسيرا) في بداية السبعينات للكاتب الفرنسي إمانويل روبلز.
في منتصف سبعينيات القرن الماضي، اتجها نحو التلفزيون المغربي وشاركا معا في عدة أعمال كوميدية ناجحة: (هو وهي)، و(صور ضاحكة)، و(لالة فاطمة) في مواسمها الثلاث، (دور بها يا الشيباني)، (ماشي بحالهم)، (بنت بلادي) …
وتابعا معا مسيرتهما الفنية المتميزة، في العديد من المجالات، (الإنتاج والإخراج والتأليف والتشخيص والدعاية والادارة …)، حتى غيّب الموت عزيز سعد الله يوم 13 أكتوبر 2020، وخديجة أسد يوم 25 يناير 2023، عن نفس العمر والمرض (70 سنة سرطان الرئة.)
في الثمانيات من القرن الماضي وبالضبط سنة 1980، يؤسسان فرقة (مسرح الثمانين).. عبر مسرحيات ناجحة: (كوسطة يا وطن) و(برق ما تقشع)، و(سعدك يا مسعود)، و(فكاك لوحايل)، و(خلي بالك من مدام) …
الهجرة ستأخذهما سنة 2004 الى كندا ليؤسسا شركة (أسد للإنتاج الفني) بمونريال.
‫فأنتجا سلسلات وأفلام بالتلفزيون الكندي كما قدما سكيتشات وعروض فنية في مسارح مونريال.
 
3 قالوا عن وفاة خديجة أسد
قال عنها الممثل والمخرج رشيد الوالي: (بلغني الآن خبر محزن جدا، وفاة الفنانة والمحبوبة خديجة اسد، ببيتها بالدار البيضاء، على الساعة الحادية والنصف ليلا، بعد معاناة مع السرطان، لا أعرف ما اقول وكيف انعي خبر وفاتها، لأن خديجة أسد أكبر من أن أجد كلمة واحدة تفيها حقها، سنين من العطاء رفقة زوجها رحمه الله سعد الله عزيز، اضحكتنا بأعمالها بروعة اسلوبها في التشخيص .في فن التعامل، كان آخر عمل اشتغلت معها فيه هو قيسارية أوفلا، والذي بالرغم من المرض الشديد، لبت النداء وقامت بدور شرفي رائع، هي مثال لجيل من النساء المغربيات القادرات على التوفيق بين الفن والأمومة والمسؤولية، ومن الممثلات واللاتي ابدعن بالرغم من قلة الامكانيات، اسعدت كل المغاربة في كل العالم)

كتب االمسرحي عبد المجيد فنيش: (خديجة أسد: انطلقت غاية في الشموخ، ورحلت غاية في البهاء، هكذا كانت مسيرتها الفنية بين علامتين، يسميها آخرون صيحتين: الأولى يصيح فيها المولود في وجه أهله حين الخروج من الرحم، وأما الثانية فيصيح فيها الأهل في وجه هذا المولود حين تفيض روحه بعد عمر كان كتابا مؤجلا…
دوما والى غاية اللحظة، ستبقى صورة خديجة أسد أمام عيني وفي عمق الذاكرة، وهي تقف في عنفوان عنفوانها الباذخ، في مشهد ماتع من الخالدة مسرحية (مولاي ادريس) التي صاغها الأديب الشاعر أحمد عبد السلام البقالي، ونحتها على الركح العميد العمدة الطيب الصديقي.
كان هذا، على خشبة سينما الامبير في فاس، شهر آذار/ مارس سنة 1964, وقد وضع الصديقي ثقته في خديجة أسد لتشخص دور كنزة بنت عبد الحميد الأوربي، أمير قبيلة أوربة التي بايعت المولى ادريس الاكبر، وتم ساعتها زواجه مع كنزة لتكون والدة لباني مدينة فاس، المولى ادريس الازهر….
ها هي خديجة أسد تحط الرحال في دار البقاء، بعد أن شكلت على مدى نصف قرن أحد أقوى وأبهى ثنائي درامي مغربي في رفقة حبها عشقها زوجها، الفقيد سعد الله عزيز تغمده الله بواسع الرحمة).
قال عنها الكاتبوالمخرج المسرحي سعد الله عبد المجيد: (الفنانة خديجة أسد..
 جوهرة المسرح المغربي:
(أما الفنانة خديجة أسد، فهي امرأة استثنائية بكل المقاييس، بحكم تعدد مواهبها في مختلف المجالات:
– هي الممثلة المتميزة في مجال المسرح والدراما التلفزيونية والسينما.
– هي الكاتبة والأديبة والناقدة.
– هي المستشارة الفنية والتي لا تكون في مجال الفن إلا مرشدة وحكيمة.
وإن اقتربنا من طبيعة العمل الإنساني والاجتماعي للفنانة خديجة أسد، فلا مندوحة غير ربطها بالمرأة والزوجة والأم والأخت والرفيقة الطيبة الأخلاق… هي المرأة التي تحمل منار التضحية والصبر، بما يعنيه من سلوك وأخلاق وطريقة عيش وأسلوب تفكير.. حضورها يمنح دائما شحنة إضافية للاستمرار في العطاء.. هي المتواضعة والمتطوعة والمتعاونة في مختلف مراحل العمل الفني من بداية ورشة الكتابة إلى تحية نهاية العرض أو جنيريك الفيلم أو المسلسل…
هي فنانة استثنائية بكل معنى الكلمة.. معدة ومنظمة ومصممة ملابس بامتياز.. لكنها تبقى بتواضعها متخفية في عمق سماحتها ولطفها.. هي التي كان لها قصب السبق في فرجة «السيتكومات» وفرجة الثنائي وفرجة المنوعات variétés
 الفنانة خديجة أسد.. امرأة استثنائية، لأنها تشتغل وتحترق وفق نار التواضع والصبر والصمت لتعلي من شأن حضور المرأة المغربية… ولتصقل جوهرة الفن المغربي ليبقى دائما تحفة في الإبداع.
الفنانة خديجة أسد تستحق عن جدارة لقب «جوهرة المسرح المغربي» وتستحق أجمل وأروع تكريم…)

خاتمة
كل ما يجمع خديجة أسد وعزيز سعد الله هو الحب والوفاء والاحترام والفن النبيل ووضوح المسار، وقد حاول بعض العابثين تقليد تجربتهما لكنهم فشلوا.
لقد جمع الثنائي الناجح والصادق (عزيز سعد الله بخديجة أسد) الحب والوفاء  والفن النبيل.

 
مجدالدين سعودي رئيس التحرير

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.