السينمائي والإعلامي رشيد الحجوي في شذراته: (الحكمة بطعم الفلسفة والفلسفة بطعم الحكمة)

مجدالدين سعودي رئيس التحرير/
 
استهلال:
 
رشيد الحجوي فنان وسينمائي واعلامي هو في نفس الوقت كاتب شذرات عميقة.
في شذراته حكم وتوهج.
يقول محمد منصور: (الشذرة في الغالب مزيج من الرؤية الشعرية والتأمل الفلسفي والإشراق الصوفي والحدس) 1
ولهذا نجد في شذرات رشيد الحجوي الحكمة الصوفية والرؤية الفلسفية الواضحة.
 
1 صداقة:
 
جاء في مجلة نزوى: (… باتت الكتابة الشذرية من الفنون الأدبية الرائجة في السنوات الأخيرة، شعراء كثيرون يلجأون إليها باعتبارها أكثر إمتاعاً، ربما من القصيدة، والروائيون يختارونها أيضاً باعتبار أنها تقول أفكاراً كثيرة من خلال مقاطع قليلة وقصيرة )2
وفي شذرات رشيد الحجوي عن الصداقة قوة بلاغية كبيرة، حيث يومن بما قاله رجل الدين الأمريكي تشارلز كاليب كولتون: (الصداقة كالصحة ﻻ تعرف قيمتها إﻻ إذا خسرتها).
يكتب رشيد الحجوي بصدق:(الصداقة بحر من بحور الحياة).
وأتذكر المثل التشيكوسلوفاكي: (البئر الجيد يعطيك الماء عند القحط، والصديق الجيد تعرفه عند الحاجة).
فيكون جواب رشيد الحجوي:(من يختارك لوقت معين …. أنت غني عنه كل الأوقات ….)
ان الصداقة كما يقول المثل العربي: (الـرفيـق قبـل الطـريـق). والصداقة قبل الطريق تجعل رشيد يكتب:(على الرغم من صغر حجم كلمة الصداقة …
إلا أنها في معناها أعمق وأجمل بكثير… من أي كلمات أو معانٍ أخرى)
 
2 مأساة:
 
ينظر رشيد الحجوي الى المأساة بعين واقعية انطلاقا من تجربته وسفرياته، فهو كما يقول

أوسكار وايلد: (إنّه يسخر دائما مِن مآسي الحياة، وإنّ سُخريته هذه كانتْ هِيَ الوسيلة الوحِيدة التي مكّنته مِن تحمُّلِها)،

فيكون جوابه: (مأساتنا في هذه الحياة هي …أننا نتزوج ولا نحب، ونتكاثر ولا نربي،
ونبني المدارس ولا نتعلم، ونصلي ولا نتقي، ونعمل ولا نتقن، ونقول ولا نصدق!)4
 
ذات حكمة هتف فيودور دوستويفسكي: (يا لها من مآسي رهيبة تلحقها الواقعية بالناس.)
 
فيرد:(كل الخسائر قابلة للتعويض، إلا أن تخسر سنوات من عمرك باحثا عن رضا الناس)4
ولهذا كتب فريدريك نيتشه: (من يتسلق أعلى الجبال يضحك على كل المآسي سواء كانت حقيقية أو متخيلة).
بحزن يكتب فناننا السينمائي والإعلامي: (حديثهم شيء وحقيقتهم شيء آخر)!
 
 
3 نفاق:
 
عبر السخرية السوداء، يهتف في وجوه المنافقين:(ليس كل من قال “أعزك” يعزك بالفعل…!!!
فالمذيع يقول : أعزائي المشاهدين، وهو لا يعرف أحدا منهم).4
 
وهذا الأديب والفنان أندريه جيد يقول في نفس المنوال: (المنافق الحقيقي هو الذي لا يُدرَك خِداعُه لأنه يكذب بصدق).
وبمرارة يهتف صديقنا الفنان الإعلامي:(ما أصعب البحث عن قلوبا صادقة وسط زحمة من الأقنعة).
 
ويلخص لنا الروائي الكبير نجيب محفوظ كل أنواع النفاق قائلا: (لا يعلو صوت على النفاق، هذه هي مأساتنا).
فيكون الجواب الشافي:
(في زمان الماديات، أصبح الجلوس بمفردك أجمل من الجلوس مع أشخاص ينظرون إلى ماركة حذائك قبل عقلك)4
 
 
4 قوة:
 
ان قوة رشيد الحجوي هي قوة مواجهة الألم والغدر بقلب نقي، فيردد مع فيكتور هوجو: (الألم ثَمَرَة.. واللهُ لا يَضَعُ ثِمارًا عَلَى غُصْنٍ ضَعيفٍ لا يَقْدِرُ عَلَى حَمْلها)، ولهذا يكتب بصدق:
(القوة هي أن تدوس وجعك تحت قدمك… وتمشي مبتسماً أمام كل من ينتظر سقوطك)4
 
مرة قال توفيق الحكيم: (القوة هي حسن استخدام الوسائل للغايات)، فأجابه فناننا:
(سنة جديدة على الأبواب، لا تطلبوا من السنوات أن تكون الأفضل.
كونوا أنتم الأفضل، فنحن من نتغير أما هي فتزداد أرقاما فقط…)4
 
رشيد الحجوي متفائل، في تفاؤله جد ونشاط ومواجهة الصعاب، هو يومن بمقولة فرويد: (التشاؤم يفضي إلى الضعف، بينما التفاؤل يقودك إلى القوة.)
بقلب نقي يكتب:(لا تحزن إذا لم يتذكرك الناس إلا وقت الحاجة، بل ابتسم لأنك كـالشمعة، ما إن أظلمت حياتهم حتى سارعوا اليك…) 4
 
 
5 ضمير بهي:
 
رشيد الحجوي يسكن في القلوب والعقول معا، وهو كما قال توماس ستيرنز إليوت: (إن لم تستطع أن تكون نجماً في السماء فحاول أن تكون مصباحاً في المنزل).
ويهتف (تحبني أو تكرهني سيان عندي……
إذا كنت تحبني.. سوف أكون في قلبك…
وإذا كنت تكرهني …سوف أكن دائما في عقلك)4
 
يقول جميل حمداوي: (تستند الكتابة الشذرية (l’écriture fragmentaire) ، أو الكتابة المقطعية، أو أسلوب النبذة (Aphorisme) كما عند نيتشه، إلى الاقتضاب، والتكثيف، والتبئير، والتركيز، والإرصاد، والنفور من التحليل العقلاني المنطقي، وتفادي الكتابة النسقية…)3
يكتب:
(لا تبحث عن قيمتك في أعين الناس، ابحث عنها في ضميرك.
فإذا ارتاح الضمير، ارتفع المقام..)4
 
وها هو شيخ الفلاسفة محمد الغزالي يكتب: (الضمير اليقظ هو الذي تصان به الحقوق المتمثلة في حقوق الله والناس، وتحرس به الاعمال من دواعي التفريط والاهمال).
 
فيجيبه البهي رشيد:(كن بسيطاً، تكن أجمل.
عش كما أنت …
لا تتصنع شخصيات من أجلهم.. فمن لا تعجبه ذاتك …  لا يستحقك)4
 
 
6 قناعة:
 
 
يقول أفلاطون: (توفر القناعة لصاحبها الوقت الكافي للتمتع بالحياة).
والقناعة هي :(القناعة عدسة …
إن لبستها رأيت الحياة جميلة واكتفيت بما لديك …
وان خلعتها لن تملأ كنوز الدنيا عينيك.. )4
ويرد الحسن البصري: (اثنان لا يصطحبان أبداً: القناعة والحسد، واثنان لا يفترقان أبداً الحرص والحسد).
بلغة الحكمة والقناعة يكتب:(لا تنتظر شيئا من أحد …فالأشياء الجميلة، دائماً تأتي من الله). 4
ويواصل كذلك: (لن أتغير حتى لو مرة ألف عام… فالطيبة ليست غباء… وإنما حسن التربية).4
 
خاتمة:
باختصار هذا هو السينمائي والإعلامي رشيد الحجوي المنتج السينمائي والذي قام بإعداد عدة أفلام وثائقية وروائية مع صديق عمره وشريكه الدكتور بوشعيب المسعودي، اذ جمعتهما عدة أفلام ناجحة (أسير الألم، أمغار، دوار العفاريت.. كما قام بمهمة الإعدام والتنسيق لعدة برامج وثائقية مع قناة الجزيرة والأولى وغيرهما.
وسنعود قريبا في حوار حصري مع موقعنا المتميز لوبوان24 مع رشيد الحجوي.
مجدالدين سعودي رئيس التحرير
احالات

1 محمد منصور: (تاريخ الشذرة: ضاقت العبارة، فاتسعت الرؤية، موقع منشور

2 ظاهرة كتابة الشذرات من نيتشه إلى كانيت: مجلة نزوى
3 جميل حمداوي: النقد الشذري أو الكتابة الشذرية بين النظرية والتطبيق
4 كل ما بين الأقواس هي شذرات لرشيد الحجوي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.