الاستشارية للاإيمان الشباني تكتب : الختان بأنواعه

بقلم : للاإيمان الشباني/

اتفق العلماء على أن المولود المختون بطبيعته يسقط عنه وجوب الختان عند القائلين بوجوبه، لكنه يبقى موضوعًا خلافيًا فيما يتعلق بمسألة استحباب إجراء الموسى عليه. اختلفت آراء الفقهاء في هذا الباب إلى قولين رئيسيين. الأول يرى أن من ولد مختونًا قد كفاه الله المؤونة، ولا حاجة لإجراء الموسى عليه. هذا هو مذهب الشافعية الذين نصوا في حاشية الجمل على أنه إذا ولد مختونًا فلا ختان عليه، لا على وجه الإيجاب ولا على وجه الاستحباب. ومثلهم في ذلك المالكية الذين أكدوا في حاشية العدوي أنه من الأفضل عدم إمرار الموسى في هذه الحالة، مبررين ذلك بغياب الحاجة الفعلية لهذا الإجراء.

أما القول الثاني، فيرى استحباب إمرار الموسى على موضع الختان ليقع الامتثال، واحتج أصحاب هذا القول بقياس هذه المسألة على الحلق في الحج لمن لا شعر برأسه، حيث يستحب في مثل هذه الحالة إمرار الموسى تشبهًا بالحالقين. وقد أشار الشافعية إلى هذا القياس في تحفة المحتاج، حيث ذكروا أن من كان بلا شعر على رأسه خلقًا أو لحلق سابق فإنه يستحب له إمرار الموسى إجماعًا. غير أن هذا القول لم يكن الراجح عند جمهور العلماء الذين رجحوا القول الأول بعدة اعتبارات.

أول هذه الاعتبارات أن الختان شُرع لتحقيق معنى معقول وهو إزالة القلفة التي قد تحتبس تحتها النجاسة، فإذا كان المولود قد جاء مختونًا، فإن المقصود قد تحقق من دون الحاجة إلى تدخل، وبالتالي فإن إمرار الموسى يصبح أمرًا بلا فائدة. الاعتبار الثاني يتعلق بمسألة كشف العورة، حيث أن إجراء الختان يتطلب كشف العورة سواء للمولود أو للكبير، وهذا لا يجوز إلا في حالات الضرورة أو الحاجة الشرعية، وهذه الضرورة أو الحاجة تنتفي عندما يكون المولود مختونًا. أما الاعتبار الثالث، فهو عدم صحة قياس استحباب إمرار الموسى في موضع الختان على استحباب إمرارها على رأس الأقرع. فالحالة الأولى تستلزم كشف العورة، بخلاف الحالة الثانية التي تخلو من ذلك الإشكال.

من جهة أخرى، يجب الانتباه إلى أن وجود أي جزء من القلفة التي تغطي الحشفة يوجب إزالتها حتى يتحقق الختان الشرعي. كما أنه ينبغي الحذر من الاعتقادات الخاطئة التي يتداولها البعض بشأن أفضلية من ولد مختونًا على غيره. فقد جاء في الصحيحين أن نبي الله إبراهيم عليه السلام، الذي هو خليل الرحمن، لم يولد مختونًا، بل اختتن بنفسه بالقدوم بعد أن بلغ من العمر ثمانين سنة.
هناك من الحالات التي تبثت عند بعض الأسر بالحجة والبرهان وسمعت من أفواه الامهات اللواتي عشن الحالة مع أبنائهم أن هناك من الذكور من خثنتهم الملائكة أو وحي من الله في اليوم السابع بعد الولادة وكان صراخهم يختلف عن الصراخ العادي للرضع كأنهم يطلبون رحمة الله أثناء عملية الختان في جوف الليل و الناس نيام وفي ذلك حكمة ربانية لا يعلمها إلا الله

هذا الخلاف يبين رحمة التشريع الإسلامي وسعته، حيث يراعي الاختلاف في الظروف والأحوال، ويترك مساحة واسعة للنظر العقلي في الأحكام، مع المحافظة على المقاصد الشرعية التي ترمي إلى تحقيق الطهارة والستر والحفاظ على الكرامة الإنسانية. والله أعلم.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.