“المغرب يكشف ازدواجية الجزائر في مجلس الأمن: هوس بالصحراء وأجندة معادية تعرقل مصالح إفريقيا”

العيون منير نافيع/

في خطوة دبلوماسية حاسمة، رد السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، السيد عمر هلال، على تصريحات الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية الجزائرية، لوناس مقرمان، خلال اجتماع مجلس الأمن حول موضوع “رفع الظلم التاريخي وتعزيز التمثيلية الفعلية لإفريقيا في مجلس الأمن”. وجاء الرد المغربي بعد أن استغل المندوب الجزائري هذا المنبر الأممي لطرح قضية الصحراء المغربية، رغم أنها لم تكن مدرجة على جدول أعمال الجلسة.

خلال الاجتماع الذي ترأسه رئيس جمهورية سيراليون، جوليوس مادا بيو، الإثنين الماضي، والذي كان مخصصا لقضية التمثيلية الإفريقية في مجلس الأمن، قام الأمين العام لوزارة الخارجية الجزائرية بالتطرق إلى قضية الصحراء المغربية في خطوة وصفها السفير عمر هلال بأنها “خارج السياق تماما”. واتهم الدبلوماسي المغربي الجزائر بمحاولة تضليل المجتمع الدولي من خلال تكرار “الأطروحات المضللة والمعطيات المغلوطة” بشأن قضية الصحراء.

عمر هلال أشار إلى أن الجزائر، التي كانت تسعى للحصول على مقعد في مجلس الأمن لتمثيل إفريقيا، اختارت كعادتها استغلال هذه الفرصة للترويج لأجندتها الوطنية المعادية للمغرب، بدلا من التركيز على القضية المحورية للاجتماع. وفي رسالته إلى أعضاء مجلس الأمن، أكد عمر هلال أن الجزائر أظهرت من جديد هوسها المفرط بقضية الصحراء المغربية، مشيرا إلى أن هذا الهوس يعرقل أي محاولة للنقاش البناء حول القضايا الحقيقية التي تواجه إفريقيا.

في رده على ما أسماه “الادعاءات الزائفة” من قبل المندوب الجزائري، أكد السيد عمر هلال على أن الصحراء المغربية كانت وستظل جزءا لا يتجزأ من الوحدة الترابية للمملكة المغربية. وأوضح أن المغرب قد حسم مسألة الصحراء منذ نصف قرن، عندما تم تنظيم المسيرة الخضراء في عام 1975، التي انتهت بعودة الصحراء إلى سيادة المغرب.

وأضاف هلال أن المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة، قد اعترف بهذا الواقع، مشيرا إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3458/ب المؤرخ في 10 ديسمبر 1975، الذي أقر باتفاقية مدريد التي تم بموجبها استعادة المغرب لسيادته على أقاليمه الجنوبية. وأكد أن الصحراء المغربية ليست قضية تصفية استعمار كما تحاول الجزائر تصويرها، بل قضية وحدة وطنية، وهو ما تدعمه قرارات مجلس الأمن الدولي وتقارير الأمين العام للأمم المتحدة.

أحد المحاور الرئيسية التي تناولها عمر هلال في رسالته كان موضوع تقرير المصير، وهو مبدأ طالما استخدمته الجزائر لمحاولة تقويض استرجاع المغرب لأقاليمه الجنوبية. وأشار هلال إلى أن الجزائر تعتمد في خطابها على تفسير انتقائي ومغرض لهذا المبدأ، محذرا من أن تقرير المصير لا يعني تفكيك وحدة الدول ذات السيادة.

كما لفت الدبلوماسي المغربي عمر هلال الانتباه إلى التناقض الواضح في الموقف الجزائري، حيث تدعم الجزائر تقرير المصير لسكان الصحراء المغربية، بينما تتجاهل بشكل فاضح حقوق شعب القبائل في الجزائر نفسها. ووصف هلال هذا التناقض بأنه “ازدواجية في الخطاب”، داعيا الجزائر إلى الالتزام بمبدأ تقرير المصير ليس فقط تجاه الصحراء المغربية، بل أيضا تجاه الشعوب الأخرى التي تعاني من التهميش داخل حدودها.

وأشار إلى أن الشعب القبائلي يعاني من التهميش والفقر، حيث يتم انتهاك حقوقهم الأساسية في التعبير والتجمع والحفاظ على ثقافتهم. واعتبر أن الوقت قد حان لكي يتمتع هذا الشعب بحقه في تقرير مصيره، تماما كما تطالب الجزائر بحقوق شعوب أخرى.

السفير عمر هلال لم يكتف بالدفاع عن السيادة المغربية على الصحراء من الناحية التاريخية والدبلوماسية فحسب، بل أبرز أيضا النجاحات التي حققتها المملكة في تنمية أقاليمها الجنوبية. ولفت الانتباه إلى النموذج التنموي الذي أطلقه الملك محمد السادس في عام 2015، والذي أثمر عن تحول كبير في البنية التحتية والاقتصاد في الصحراء.

وأشار هلال إلى أن المغرب قد استثمر أكثر من 8 مليارات دولار في مشاريع تنموية في المنطقة، مما جعلها مركزًا جذبًا للاستثمارات الأجنبية وموقعًا حيويًا للتنمية الإقليمية بين إفريقيا وبقية دول العالم. وأضاف أن هذه التنمية لم تتأثر بموقف الجزائر العدائي الذي يستمر منذ عقود، مؤكدًا أن الصحراء المغربية تظل مزدهرة ومستقرة.

في ختام رسالته، تناول السفير هلال ما وصفه بـ”الازدواجية الواضحة” في موقف الجزائر من قرارات مجلس الأمن. وبيّن أن الجزائر ترفض العودة إلى المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة، وهي بذلك تقوض بشكل خطير المسار السياسي الذي حددته قرارات مجلس الأمن. وأكد أن الجزائر، على الرغم من عضويتها الحالية في مجلس الأمن، لا تزال تعرقل الجهود الأممية الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي دائم لقضية الصحراء المغربية.

وشدد هلال على أن المملكة المغربية تأمل في أن تركز الجزائر على مصالح القارة الإفريقية خلال فترة عضويتها في مجلس الأمن، بدلًا من التركيز على أجندتها الوطنية المعادية للمغرب.

في ختام رسالته، أكد السفير هلال أن المغرب مستمر في التزامه بالحل السياسي تحت إشراف الأمم المتحدة، معتمدًا على مبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد وعملي لهذه القضية. وأوضح أن هذه المبادرة تحظى بدعم دولي واسع، بما في ذلك دعم الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن.

وأعرب السفير عن أمله في أن تراجع الجزائر موقفها وتعود إلى طاولة المفاوضات، من أجل إيجاد حل دائم ومستدام لقضية الصحراء المغربية، بما يخدم مصالح جميع الأطراف ويسهم في استقرار المنطقة بأكملها.

تعد هذه الرسالة المغربية، التي سيتم نشرها كوثيقة رسمية لمجلس الأمن، خطوة قوية تجاه إعادة توجيه النقاش الأممي نحو الحلول البناءة لقضية الصحراء المغربية، بعيدًا عن محاولات التضليل والتشويش التي تسعى الجزائر إلى تكريسها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.