بورتري : عبد العزيز برعود يكتب: خديجة الحطاب فنانة تشكيلية على هيئة قصيدة شعرية

 

عبد العزيز برعود :

القيم الإنسانية والعلاقة مع الآخر من
بين المواضيع التي أعبر عليها من خلال لوحاتي الفنية.

حين تتمم رسم لوحتها تكون قد أنهت كتابة قصيدة على تفعيلة بحر “التشكيل” فهي ترسم لوحاتها بحبر دمها الأحمر القاني الممزوج بأديم التراب، لتنفخ فيها نفس من أريج روحها الفياضة ، ومن رميم أنفاسها تعيد إحياء شخوصها الضاجة بالحيوات والألوان ..!

تخرج الحي من الجامد، وتذيب الجامد في بطون الحي، فتصيغ لنا تحفا ومسكوكات فنية ضاربة في الغموض، طاعنة في الغرابة، تشدك إليها في ملمحها الرمزي قبل الاقتراب منها،  والتفرس في لغتها المفعمة بالأسرار والطلاسيم..!

إذ هي رائدة في خلق وابتكار لوحات ،سريالية تمتح من ميتافيزيقيا الحدس والتجريد، من خلال وصفات فنية كروماتية تعتمد على سيكولوجية الألوان المستوحاة من المنمنمات القديمة، والسجاجيد والرقوق، و تسطيح وتكعيب الوجوه والأجسام و الملامح، والغوص عميقا في دوامة المتاهات الموغلة في الإلتباس ، ما يمنحها القوة على التميز والتمييز والابداع، و القدرة على طرح التساؤلات الفلسفية العميقة، حول الهوية الفنية و لغة الالوان ،و خلق الدهشة والاستيلاب البصري للملتقي، والسفر به إلى عوالم أكثر رحابة.. !!

أو ليست الألوان إحدى اللغات الصامتة
لفهم العقل..!؟

من هنا يمكننا أن القول أن فنانتنا خديجة الحطاب استطاعت بسليقتها و نباهتها وحدسها الفني، أن تؤسس لبراديغم جديد بما يشبه الفن العبثي المطلق (zentangle) ، الذي لا ينتمي في منهجه إلى أي من المدارس التشكيلية الأخرى، بل ينفرد بخصوصيته الفنية المتميزة التي تجعل منه فنا حفرياتيا ناطقا بكل اللغات..

ذو أفق كوني لا متناهي..!!

نعرف جميعا أن الفن ليس هو الحقيقة
إنه كذبة تجعلنا ندرك الحقيقة ..
“بابلو بيكاسو”

ثمة غرائبية لا يمكن تأطيرها في الزمن التأملي لايقونتنا المبدعة، تروم الى ابتكار مسارات متشعبة تؤدي إلى بواطن الادهاش، وخلق طقوس البهجة و الفرح الساطع من تباشير الفصول، لذلك تأتي لوحات خديجة حطاب مأهولة بالاصوات والموسيقى والتعابير ،مفعمة بالخصوبة والاحاسيس الجامحة، مكتظة بالرموز والدلالات والزخارف والأشكال المتراكبة، لتقتحم خلوة النفس، وتخترق منافذ الروح، في مشاكشة وجودية قلقة ناتجة عن التأمل والتفكير المؤديين الى التكامل والادراك، وفق رؤية استيتيقية خلاقة،
وسياق ابستمولوجي يستند إلى ركائز ثلاث:

فلسفية
وسيكولوجية
واجتماعية.

فالفن بالنسبة إلى خديجة الحطاب هو في حد ذاته :

محاولة لإخراج النظام من الفوضى
حسب منظور “ستيفن سونديم”والخيال في تصورها اكثر أهمية من

المعرفة وفق رؤية ألبرت انشتاين .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.