بورتري: بوشعيب المسعودي الطبيب المبدع الذي يصنع من (الأمل)محتوى خلاقا ويصيغ من (الألم) مشهدا جماليا ضاجا بالنبض والحياة
بقلم: عبد العزيز برعود. المغرب
–1-
بنظرته الثاقبة وروحه الوثابة يلوح لك في الأفق كنسر مهاب تأصل في الشموخ فآثر اعتلاء قمم الأعالي بعناد قل نظيره.. وكأني به يمتطي صهوات التحدي ضدا في سؤال الكينونة ...!
– لا يخطئه الحدس وهو يعبر أمام مرمى من اعجابنا جميعا سجادة الزهو، صوب أرخبيلات الابداع بكل أشكاله وقطوفه، متخطيا عتبات الإشراق والتجلي الى منبلج الادهاش الآسر ليصنع من (الأمل)محتوى خلاقا و يصيغ من (الألم)مشهدا جماليا ضاجا بالنبض والحياة. أوليس هو الطبيب والأديب والمخرج والمبدع اللبيب المجبول على استنطاق الشخوص والنصوص الذي اغتوى بسحر الكتابة حد الانفلات من زوابع المتخيل وسطوة المكتوب لينحو منحى الاخراج والتجسيد الواعيين، مبرزا المجرد من المحسوس بثراء حسي ودلالي شاهق، يعكس جوهر الرؤى في مكنون الذات المستكشفة لبواطن الجمال.
2
اذن فلا عجب من سطوعه من كحل الشاشة ليلج بياضها من بابه الناصع، ويجهر لنا بعشقه للصورة باعتبارها مرآة لكينونته الفنية، بل جزء من التأريخ للسيرورة الاجتماعية في واقعها اليومي الذي يعيشه/ يلهمه/ يهبه ملكات الابداع.
فالسينما بالنسبة اليه مثل السوسيولوجيا لأنها تهتم بتحليل الوقائع الاجتماعية وتكشف التشكلات الرمزية والظاهرة وتبرهن على أصالة الاختلاف.
3
الكتابة هي ولادة مستعصية ضاقت داخل الجسد ..هي ذاك الضجيج القابع بدواخلنا والذي يخلصنا من الشرور، من كتابة القصة و السيناريو إلى الاخراج السينمائي يتميز هذا المضيء بلا أضواء، المشع حد الإبهار، والمقيم في ثراء التعدد، بأناقة أسلوبه وتعابيره اللغوية منها والبصرية، وبانتقائه للمواضيع والقضايا ذات البعد الاجتماعي و القيمي والاخلاقي، مع تشريح دقيق لمكامن الأعطاب، بمنظار الطبيب ومهارة الأديب ، ورصد لافت للأحداث والمشاهد الحافلة بالاستعارات البصرية الثاوية في حلول المعنى، وفق مقاربة فنية سينمائية تيماتها (الطب والادب والسينما والمجتمع) كما هو الحال في فيلم( أسير الألم) وفيلم ( الأمل) وفيلم( امغار) و(دوار العفاريت).
4
ليس المهم أن نتواجد على الحياة فقط، بل المهم أن نكون في قمة الانسانية والتواضع خفيض الكبرياء، يانع الابتسامة ،جارف الهبوب يأتي هذا السامق من علو اسمه الرنان، ومن معارج الضوء الى بساط العنفوان، ليعلن لنا انتصاره الساطع للإنسانية في أبهى تجلياتها من خلال خطاب مرئي مؤثر، يؤسس للهوية الجماعية، ولوعي جماعي يسمو بالإدراك الفني العام، رهانه في ذلك التجديد في التخييل، وتطوير العلاقة الجمالية المؤسسة للوجود الانساني بين الفن والأدب باعتبارهما أحد أدوات الكشف الذاتي للروح المطلقة حسب (هيكل) ، موقنا انه لا توجد طريقة اخرى لفهم الانسان الا من خلال الفن كما قالت نادين غوردمير وان الانسانية ستبدأ بالتحسن عندما نأخذ الفن على محمل الجد كما الفيزياء والكيمياء والمال، كما قال ارنست ليفي.