الروائية المغربية لطيفة غيلان تكتب: إساف ونائلة
أنا في انتظار الحبيبة…
تعاهدْنا على اللقاء غداً في الساعة السادسة والنصف مساء. ستكون المرة الأولى التي تزورني الحبيبة في شقتي. أنا مجنون حائر مفتون متشوق خائف. أريد أن أبهرالحبيبة، أن أخطفها وأحلّق بها بعيدا بعيدا وأخفيها في متاحف السماء !!
هل أعاشرها كما يعاشر البدائيُّ العاشق شريكته، أفتح باب جنتي عاريا كآدم، وأرفعها بين ذراعيّ المفتولتين ثم أحملها فوق كتفيّ العريضتين، وأقدم لها رأس الأسد قرباناً وأشعل نارا ثم أطرحها أرضا؟ هل أعاشرها كما يعاشر البابليُّ المولَّه أنثاه، يحرق البخور في معبد الحب ويشرب الخمر المقدس ويسجد لها ويقبّل قدميها فتحضنه وتغنّي له حتى يغفو، أم أقدّم لها جسدي وأدعوها لامتلاكه وحرثه وزرعه وسقيه وقطف ثماره ممتثلا لها دون أن أحرك ساكنا؟ هجمتْ عليّ هرمونات جدّي البدائيّ والسيّد البابليّ والشريك مشرّط الحناك…كنت أتصبب عرقاً وبروجستيرون …
دقّاتٌ خفيفةٌ على باب جنتي. الساعة تشير إلى الرابعة…فتحتُ ودخلَتْ. وكفراشة تطلّ من شرنقتها، نضّت عنها خمارها. اندَهشْتُ ! هذه التي أمامي ليست حبيبتي !وحبيبتي لا تلبس الخمار…
همسَتْ لي ودمعُ العين يكاد ينهمر: صديقتي ليلى لن تأتي في الموعد، فأرسلتني لتعتذر منك، ثم افترّ ثغرُها عن دُرّ نضيد وابتسامة كهلال العيد…
سألتُها ما اسمُك؟ صوّبتْ رمشها الكحلي لصدري وغردت: نائلة
سألتني وأنتَ؟ همستُ ورمشُها المنغرسُ في فؤادي يخفق: إساف… (اسمي في بطاقة التعريف الوطنية قدّور).
كان الطوفان، فهبت العواصف الهوجاء، وقصف الرّعد كدقّ الطبول الإفرقية، واشتعل بريق البرق في عروقي، والتهبت نيران دمائي، واستراح جلجامش تحت قدمي عشتار وكان ما كان… فأمطرت متاحف السماء… ثم نام الزمن في حضني والنجوم تحت سريري وانتحرت عقارب الساعة…
قالت ودمع العين ينهمر: لي عندك طلب أرجو أن يظل سرا بيننا.
قلت ولعاب شفتيها مسكٌ في فمي: مُري يافاتنتي، سرُّك وسرّي في بئر.
قالت وقد أضاءت عينيها شهابٌ جهنمية: أن نعتمر ونسعى معا بين الصفا والمروة. ثم غادرتْ وتركتني في طوافي وحيدا…
طَرْقٌ خفيف على باب شقتي. نهضتُ من فراشي متثائبا أرفل في شهوتي. فتحتُ ودخلَتْ ليلى تُشقشقُ: أرأيتَ ياقيس (اسمي الحقيقي قدّور) لقد أتيتكَ في الموعدِ، فهاتِ ماعندك!!
أصيلة 26 يوليوز 2023
*إساف ونائلة صنمان ، يروى والله أعلم أنهما كانا رجلا وامرأة زنيا في الكعبة لما كانت وثنية…فمسخا ووضعا فوق رأسي جبلين للعبرة.