” الخرساء ” قصة قصيرة بقلم الأستاذة زكية بوقديد

سئمت التعليقات على أنها انسانة ساذجة بطيبوبتها ، جعلوها تحس بذنب حيال شخصيتها بنقدهم اللاذع أن حسن نيتها بالآخر مصيبة لها في زمن كثر فيه الغدر، أمطروها استهزاءا وسخرية من كثر ما تتصدق به سواء كان نقدا أو عينا…
مالت إلى الإقتناع بآرائهم وقررت أن تصير مثلهم بقلب جامد .
كان الوقت مساء حين سمعت طرق الباب فأطلت من النافدة لتجد سيدة حالتها لا بأس بها على الباب تحمل طفلا بين يديها ، بادرتها قائلة : هل أجد لديك حفنة سكر أو شوكولاطة …لم تتركها تكمل حتى ردت عليها : متأسفة ليس لدي مما تطلبين . أغلقت النافذة غير منتظرة ردة فعل السيدة .ثم وقفت تتنفس الصعداء كأنها أنجزت إنجازا عظيما ، وهي تردد مع نفسها : معهم حق ، حتى المتسولين صاروا يختارون طلباتهم و أنا كالساذجة لم أطور من نفسي بعد، من اليوم فصاعدا سأجعل من قلبي قلبا جامدا ….لكن سرعان ما خرقت مسامعها أنين الطفل و أمه و هي تنادي أرجوكم حفنة سكر ، أرجوكم قطعة شوكولاطة.. طفلي يضيع مني …………..وقفت كالصنم مترددة ثم قررت عدم الاكتراث لندائها لأنها لن تكون بعد اليوم ساذجة تصدق تمويهات المتسولين …
في الصباح و هي ذاهبة لعملها أوقفها صديق أبيها قائلا : لعنة الله على هذا الحي ، ألهذه الدرجة المدنية قتلت الانسانية ، أنا دائما أعترف للجميع، لا أحد في هذا الحي رحيم بالناس غيرك ، لأنك لو كنت متواجدة بالأمس ما كان الطفل سيفارق الحياة بسبب الهبوط المفاجئ لنسبة السكر في دمه ، وماكانت الأم تتقطع و هي تبحث عن من يغيث طفلها ، لا دكاكين قريبة تقتني منها قطعة حلوى و لا قلوب رحيمة تغيث.
ودت أن تخبره أنها كانت متواجدة لكن … تأنيب الضمير و ندمها الشديد و كرهها لنفسها في تلك اللحظة لم يمنحنها فرصة الاعتراف فقد أخرس لسانها ….ليظل الرجل يردد بين السكان :أرحم الناس في هذا الحي هي خديجة حتى أن وفاة طفل في غيابها أخرسها ……

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.