السعادة : طاقة داخلية تصنع التوازن وتوقظ الحياة

بقلم: فايل المطاعني/

في زحمة الحياة وتسارع الأيام، يبحث الإنسان عن لحظة دفء يشعر فيها بأن قلبه يبتسم، وعن نسمة هادئة تهمس له: “أنت بخير”. تلك اللحظة، وتلك النسمة، تختزلان في جوهرهما معنى السعادة.

السعادة ليست ترفًا، بل ضرورة وجودية. إنها الوقود الذي يدفع عجلة الحياة إلى الأمام، والنور الذي يضيء دروب النفس وسط عتمات اليأس والقلق. حين يكون الإنسان سعيدًا، تنفتح روحه على العالم، ويغدو أكثر قدرة على التفاعل الإيجابي، والعطاء، والمحبة.

على المستوى النفسي، تلعب السعادة دورًا جوهريًا في تحقيق التوازن الداخلي. فالفرد السعيد يتمتع بصحة نفسية مستقرة، ويكون أقل عرضة للاضطرابات مثل الاكتئاب والقلق، إذ تسهم المشاعر الإيجابية في تحفيز إفراز هرمونات كالسيروتونين والدوبامين، وهما المسؤولان عن تعزيز المزاج والشعور بالرضا.

كما تعزز السعادة الثقة بالنفس، وتمنح الإنسان رؤية أكثر تفاؤلًا تجاه المستقبل. ومن يشعر بالسعادة غالبًا ما يتخذ قرارات أفضل، ويكون أكثر إنتاجية في عمله، وأكثر مرونة في مواجهة التحديات. إنها كالنور الذي يكشف ملامح الطريق، حتى حين يكون وعرًا.

لكن السعادة لا تُشترى، ولا تُهدى؛ بل تُبنى من الداخل. تنمو في تربة القناعة، وتزهر في أرض الامتنان. تبدأ من تقدير اللحظات الصغيرة: ابتسامة صديق، فنجان قهوة على شرفة صامتة، شعور بالإنجاز، أو دعاء خاشع في آخر الليل.

وأجمل ما في السعادة أنها معدية؛ تنتقل من شخص لآخر، وتخلق دوائر من الإشراق والطمأنينة. فالشخص السعيد ينثر من حوله طاقة إيجابية، تعود إليه مضاعفة. وهكذا، تصبح السعادة ليست مجرد مكسب فردي، بل قوة جماعية تصنع مجتمعات أكثر صحة، وأملًا، وتماسكًا.

في النهاية، السعادة ليست محطة نصل إليها، بل طريق نختاره كل يوم. اختر أن ترى الجمال في التفاصيل، أن تسامح، أن تحب، وأن تضيء للآخرين ولو شمعة. فربما، في تلك اللحظة الصادقة… تكتشف أنك أصبحت سعيدًا حقًا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.