“عندما كنت برأسي..” قصيدة للشاعرة : نجلاء محجوب

 

الآن.. دخلتْ رأسي على التوِّ،
قلبتْ أفكاري رأسًا على عقب،
أفتّشُ بين أروقة الذاكرةِ عن -ورقةٍ-
أظنُّها ما زالتْ مُختبئةً في أحدِ الأدراجِ،

أضعُها داخلَ صندوقٍ لا أتذكرُ سرهُ،
ولا أعلمُ: أهو فُقِد؟
أم ما زالَ موجودًا، وقد تراكمتْ عليهِ الأيّام؟

“أين؟”
سؤالٌ أوجّههُ لذاكرتي المُتآكلة،
أممممممم، لا إجابةَ.

أبحثُ عن تلكَ الورقةِ،
لكنّني لا أستطيعُ إيجادَها..!
كما لو أنّها صارت سَرابًا.
أهرولُ، أبحثُ في كلّ زاويةٍ،
لكنّني لا أجدُ سوى الظلالِ التي لا تشبهُها،

في زاويةٍ بعيدةٍ.
خيطٌ يمتد من أفقٍ بعيد،
ينقب عن صوت دفين تحت ركام الذاكرة
تتشابك أغصان الأفكار كفروع شجرة عتيقة،
ضاعت مواسمها،

كانت، هناك..!
أقتربتُ.. أمدُّ يدي،
لكنْ ما لمسَتها أصابعي،
حتى طويت من تلقاء نفسها واختفت..!
في ضجيجٍ ملون، بين الظلال التي لم تكتمل،

لحظةٌ واحدةٌ فقط..
كُتِبَ فيها اسمٌ، أو ظهرتْ ملامحُ أعرفُها،
ربما كانَ صوتٌ ما يهمسُ بنبضٍ يُشبهُني،
كأنّه وُلِدَ من قلبي..!

“أأنت هنا؟”
قلتُها بصوتٍ يختلطُ مع الرياحِ التي بدأتْ تعصفُ،
في رأسي، لكنّ الجوابَ كانَ غامضًا، متأخّرًا،
أو ربّما لم يكنْ هناكَ جواب..!

ثمّ انكسرَ الصوتُ في فمي..
هلْ تراهُ الصوتُ الذي كانَ يسكنُني؟
أمْ هو غيري الذي يتكلّمُ الآن؟

سردابٌ يعجّ بصدى ضحكاتٍ، وبكاءاتٍ،
أجدُ نفسي في مكانٍ آخر،
أو ربّما في “لا مكان”،
لا أستطيعُ التمييزَ بين لحظاتٍ كانتْ لي،
وأخرى لم تكن…!

“على أيّ الأشياءِ كنتُ أبحث؟”
قالها بعدَ العودةِ من لحظةِ تيهِ،
شخصٌ يشبهُني تمامًا.. يسكنُ داخلي.
لكنَّهُ.. لم يكنْ أنا..!

يبكي كثيرًا، ثم يضحك ساخرًا
يرتّبُ فوضاي كما يشاء،
ثمّ يتركني بمفردي..
أبحث عن شيء ضائع.

أمدّ يدي نحوي،
لكنني أبتعد.
أتبع ظلّي،
فيتكسّر تحت قدميّ.

أسيرُ في دهليزٍ يكرّرني،
كلّ بابٍ أفتحه…
يوصلني إلى نفسِ السؤال: “هل وجدتَها؟”

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.