سمية معاشي في حوار مع الدكتور والناقد والباحث الأكاديمي الجزائري السعيد بوطاجين
◽يبرز اسم الدكتور السعيد بوطاجين كأحد الأعلام البارزين في الساحة الثقافية الجزائرية. خريج جامعة الجزائر وجامعة السوربون بباريس، يحمل الدكتور بوطاجين دكتوراه الدولة في النقد الجديد، حيث تركزت أبحاثه على الترجمة والمصطلح. منذ عام 1982، أسهم في تدريس الأدب والنقد والترجمة في عدة جامعات، مما جعله واحدًا من أبرز الأكاديميين في مجاله.
إضافةً إلى مسيرته الأكاديمية، يتمتع الدكتور بوطاجين بخبرة غنية في الإعلام الثقافي، حيث عمل في العديد من الصحف والمجلات، وأسهم في تأسيس وإدارة عدد من المجلات الأدبية. كما أن له العديد من المؤلفات النقدية والإبداعية التي تعكس عمق تفكيره ورؤيته النقدية.
في هذا الحوار، نستكشف آراء الدكتور بوطاجين حول واقع الأدب والنقد في الجزائر، ونناقش تأثيراته الثقافية، بالإضافة إلى رؤيته لمستقبل الأدب العربي في ظل التحديات الراهنة.
🔸مرحبا بكم دكتور
_ما الذي ألهمك للكتابة في مجال الأدب الساخر..
ــ ربما لأني ظللت أنظر إلى التاريخ والحقيقة البشرية بنوع من الاستهزاء، وقد يرتبط ذلك بجوانب نفسية، بنوع من الوعي المضاد الذي يتجاور مع الفلسفة والتصوف، بمفهومه المضيء. أعتبر العالم ظاهرة كونية عابرة تؤثثها كائنات لا تشرّف الأرض والإنسان، كائنات منحطة تحمل في أعماقها وحشا كبيرا يتربص بك، مع أنها تبدو طيبة ومتحضرة، ترتدي ربطة عنق وتدخن وتتحدث جيدا بانتظار ابتلاعك في أول فرصة. أسميها الكائنات المعوية التي تؤسس على الكرش، وهي التي تتبوأ المجتمعات والسياسات والثقافات. هذه الأمعاء هي التي تخطط وتبرمج وتنفذ، أمّا الباقي فخترفة.
الخطاب المقلوب الذي أتبعه في نصوصي نوع من الإدانة المعلنة لانهيار الروح والقيم والأدب المثلي والأدب الشحاذ الذي يركض وراء الجوائز التي تتحكم فيها بعض المؤسسات، وهو تعرية للوحش الخالد الذي يختبئ خلف البلاغ البشري الناعم. إنني لا أولي أهمية للكتابة المتفائلة، للزعماء والكبار، ولعدة نظريات ومُثُل عليا ليست سوى طرائق لتضليل القارئ. كلّ ما في الكون مؤسس على القوة، على الأموال والأسلحة في ظلّ انسحاب العقل والقيّم إلى درجة دنيا.
أغلب البشر، من حيث الجوهر، عبارة عن أوبئة مضرّة بالبيئة، لذلك أعيش قريبا من النبتة والحيوان والحصاة والحشرة في ظلّ وشوك انقراض الإنسان والفضيلة. هذه ليست رومانسية حالمة، ولا نظرة سوداوية، إنها نظرة واقعية للوحش الذي يخطب ويكتب روايات وأشعارا لا يؤمن بها كقيّم وتنوير وحداثة من ورق. هذه سفاسف عابرة لا تقدم شيئا ذا قيمة، مع أنّ هناك استثناءات، غير أنها ليست مؤثرة، وقد تلعب دور الممثل لتعارض الظاهر مع الكمون.
أستطيع أن أثق في الذئب والخنزير لأنهما كذلك، لكنّ ثقتي في الوحش الكبير الذي يختبئ في أعماق كلّ منّا ضئيلة جدا، من هنا جاءت كتاباتي ساخرة، وصادمة أحيانا بفعل قلب المنظورات، لكنها ليست عبثية أو عدمية، كما قرأت في بعض المقاربات النقدية المتميزة التي تناولت نصوصي، وهي حرة لأنها انطلقت من فهمها الخاص للمنجز.
أجد أنّ السخرية المسؤولة آلية من الآليات الممكنة التي تتطلب جهدا مركبا لقراءة العالم تأسيسا على وعي سردي مفارق للمعيار، وعلى رؤية مخصوصة، وليس على استنساخ للمتواتر، على قيمته الكبرى في قراءة التاريخ والمحيط الخارجي عندما يكون جادا. لكنّ القوة أهمّ من كلّ هذا. العالم الجديد بحاجة إلى أموال وأسلحة، وليس إلى أدب بقباقيب وحنّاء وأحمر الشفاه لتزيين البؤس البشري المتنامي. لقد أصبحت أسخر من الأدب في حدّ ذاته لأنه دخل في مرحلة من البؤس واللاجدوى، والتحق أغلب الكتّاب بالقصر والجماعات الضاغطة التي توجههم وتتصدق عليهم ليكتبوا على المقاس.
_ ماهو دور السخرية في معالجة القضايا الاجتماعية والسياسية في مجتمعنا اليوم؟
ــ نشرت عدة مقالات وكتب نقدية تتناول قضايا سردية وشعرية. لقد ساعدتني دراستي في النظر إلى ما يكتب بناء على مناهج جديدة نجحت، إلى حدّ ما، في تقديم قراءات علمية تأسيسا على مفاهيم ومداخل ومصطلحات دقيقة، ومنها السيمياء وعلم السرد. لكني أصبحت أتفادى النقد لأنّ الساحة الأدبية غير ملائمة. لقد أصبح أغلب الكتاب يولدون كبارا، يقينيين ومعصومين من الأخطاء. ثمّ ما الجدوى من التنبيه إلى الفجوات والأخطاء مثلا؟ أليست هذه سخرية أخرى؟ لقد أصبحت أتعامل بمنطق: دعها إنها مأمورة، هكذا أتفادى صناعة المناوئين والأعداء من أدعياء الحداثة والتنوير الذين ينظرون إلى الحياة والإبداع من خرم إبرة، معتقدين أنهم مراجع ومصادر. أكتب اليوم دراسات عن الممكنات السردية واللغوية والبنائية، عن الاحتمال البديل، ونادرا جدا ما أذكر المؤلف والعنوان لأنّ ذلك يلحق بي ضررا كبيرا.
_كيف تتعامل مع الأعمال التي تثير جدلاً أو تكون مثيرة للجدل في المجتمع؟
ــ ابتعدت في السنين الأخيرة عن تناول هذه الأعمال لأنها لم تعد تعنيني. هناك كتّاب متكتلون ونافذون يعملون على نبذك، وهم مستعدون لتهميشك وتدميرك لأنك كتبت رأيا نقديا مؤسسا على مرجعيات، وعلى آليات أكاديمية متخصصة في الشأن، وهذه مشكلة. كان النقاد هم الذين يتناولون النصوص بالتقييم والتقويم، لكننا وصلنا إلى مرحلة أصبح فيها الروائيون يتناولون النقاد بصفاقة لا متناهية، وهم عادة ما يعتبرون أنفسهم فوق النقد وفوق القراء، وفوق المجتمع برمته، مهما كان مستواهم.
لقد فقدت كلّ محفز للكتابة عن هؤلاء، ولم أعد معنيا بما يُكتب، لكنّ هذا لا ينفي وجود كتّاب راقيين وجب التنويه بما يكتبونه من تحف أدبية ذات شأن، وأنا سعيد جدا بذلك. لم يعد السياق ملائما لأن تكتب بموضوعية واحترافية. لقد هيمنت مواقع التواصل الاجتماعي والمواقف الذاتية، ولم يعد للتخصص معنى. الظاهر أننا سننتظر طويلا للتأسيس لنقاش حضاري يقدم للأدب إضافة، مع أني لا أعلم لماذا يقدم له إضافة ما دام مقتنعا بأنه بلغ مرحلة متقدمة من الألوهية، وما دام أنه مقتنع بأنه صنم جديد وجب تقديسه. إنّ سخرية بعض الكتاب من النقاد كافية للابتعاد عنهم، وذاك ما قمت به احتراما لنفسي. هذه هي الحقيقة.
_ أخبرنا عن دور الأدب في تشكيل الوعي الوطني والهوية الجزائرية، خاصة في ظل التحديات الراهنة؟
ــ كان يفترض أن يقوم الأدب الرسالي بدوره في تثقيف المجتمعات وتنويرها، أن يكون له موقف من الأحداث، وتلك بعض مهامه التاريخية النبيلة التي بدأت تتراجع تدريجيا لتترك مكانها للمسوخ. لقد أصبحت للجوائز والأموال والمؤسسات والمكاتب أدوار في توجيهه الوجهة التي تريدها، ومن ثمّ تخليه عن هويته وشخصيته لأنه غدا تابعا لمنظورات وموضوعات غيرية ضاغطة. نحن أمام أدب جديد يمكن أن نسميه أدب الأمعاء، وهو الذي يهيمن على المشهد في كثير من البلدان العربية والغربية.
هذا الأدب الذيل يعمل على مسخ الموروثات والرموز والدين ومتكآت الأمم لا يستطيع التطرق إلى قضايا إنسانية تتنافى وتوجهات المؤسسات الداعمة له في الغرب وفي الوطن العربي، وذلك خوفا من تجفيف مصادر الأموال. من الصعب جدا أن يظهر أدباء وشعراء من نوع غارسيا لوركا وأحمد فؤاد نجم وسارتر وغانتر غراس والطاهر وطار. هؤلاء كانوا معنيين بالقيم الإنسانية، وليس بالجوائز والتكريمات التي يمنحها الرؤساء والملوك. كانوا كتابا أحرارا شرفوا الكتابة ومنحوها قيمة اعتبارية كبيرة، قبل أن تنخرط في عالم العبيد الذين ينفذون ما يملى عليهم.
_هل يمكن للناقد أن يوازن بين الموضوعية والانحياز الشخصي عند تقييم الأعمال الأدبية؟
ـ يفترض أنّ النقد الأكاديمي مؤسسة مستقلة عن الأشخاص، عن الشعراء والكتاب، وهو ينظر إلى النص وتمفصلاته ولغته وبلاغته وجمالياته، دون الاهتمام بالأسماء لأنها غير نصية، وليست ذات قيمة اعتبارية في الفعل النقدي لأنه يبئر على الكيفيات والمتون تأسيسا على آليات عارفة بالتقنيات والدلالات، وليس على الأشخاص. تلك هي حدوده وضوابطه المتعارف عليها. أمّا غير ذلك فهو انحراف عن المقاربات العلمية وتضليل للمتلقي، وذاك ما يحصل في بعض قراءاتنا الذاتية التي عادة ما تبني على العلاقة ما بين الناقد والكاتب، ما يفسر اختلاط الأكاديميات بالعلاقات وظهور مقاربات تقدم خدمة للكاتب، وليس لنصه.
_كيف يمكنك التوفيق بين الالتزام الأكاديمي والحرية الإبداعية ككاتب..؟
ـ كلّ كاتب ناقد في جهة ما، بدرجات متفاوتة. الكتابة قراءة وممارسة ومراجعة وتدقيق مستمر لما يكتب، وقد يمارس الكاتب رقابة ذاتية لاعتبارات مركبة. الناقد حاضر بشكل ما، وهو يعيد تريب الجمل والسرود وهندسة المعنى، يحذف ويضيف قبل إخراج عمله إلى القارئ. أمّا من يمارس الكتابة والنقد في آن واحد فقد يكون أكثر اطلاعا على النظريات. لقد تعلمت من علم السرد والسيمياء عدة قضايا تقنية ساعدتني على تفادي بعض ما يجب أن لا يكتب لأنه حشو، أهمية البياضات والاقتصاد والتلميح والاضمارات ودلالة الأبنية في علاقتها بالمتون.
الكاتب النبيه ليس ملزما بالاطلاع على تفاصيل بعض النظريات والمناهج ومصطلحاتها المعقدة، خاصة ما تعلق بالمقاربات الجديدة، لكنّ معرفة بعض الأجزاء قد يقدم له خدمة جليلة تجنبه الوقع في مطبات فنية. أنا أكتب وفي رأسي ناقد يوجهني إلى معارف سردية ومعجمية ضرورية، وإلى قيمة الكيفيات السردية في علاقتها بمختلف مكونات النص، إلى التناقضات والفجوات البنائية، وهذا مهم.
الحرية الإبداعية ليست عبثا أو ترفا ذهنيا، أمّا إن أصبحت كذلك فإنها تغدو تجريبا خارج أي معيار، وقفزا على سلسلة من الضوابط التي أسست لظهور الفنون وتكاملها. أمّا الالتزام الأكاديمي فحقل آخر له حدوده وآلياته، مهنة أخرى منفصلة عن الإبداع. أنا لا أوفق بين الحقلين أثناء الممارسة، وخاصة في الجامعة وفي الندوات المتخصصة: هناك الكاتب وهناك الناقد، ولا مجال للخلط بينها في سياقات تستدعي التمييز بينهما.
_ما هي رؤيتك لمستقبل النقد الأدبي في ظل التطورات التكنولوجية وظهور وسائل الإعلام الجديدة..؟
ــ واقع النقد هلامي إلى حدّ ما بسبب المسافة التي تفصله عن الإبداع، وهناك العلاقات الصدامية بين الاثنين لأن الكتّاب يتخذونه هزؤا، وهذه حقيقة لا يجب إخفاؤها، ثمّ عن أي نقد نتحدث، وعن أية قراءات؟ التوجهات الجديدة ركزت على المقاربات اللسانية الواصفة التي عملت على الكشف عن تمفصلات المعنى بالقفز على ثنائية التقييم والتقويم. الدراسات الجامعية هذه أغفلت سؤالا مهمّا: وبعد؟ وهو السؤال الذي كان يجب أن يطرح من سنين لتفادي النقد الذي يفكك ولا يتخذ موقا مما يكتب.
النقود الأخرى، نفسية أو اجتماعية أو شكلانية أو بنيوية، رغم أهميتها، وقعت في نوع من المغالاة في الشكلنة والاسقاط، كما أشار إلى ذلك تودوروف، ولم تبحث عن مخرج لخلق مجاورة حقيقية بين الكاتب والناقد لأنها ظلت حيادية إلى حدّ بعيد، ولم تهتم بالفجوات، ولا بالإيجابيات. ربما وجدت التوجهات الجديدة طريقة أكثر نفاذا إلى جوهر الإبداع، لكنها لن تكون مؤثرة. لقد سطت الدعاية على الأكاديميات في ظل هيمنة الخطاب غير المتخصص لوسائل التواصل الاجتماعي التي دمرت أكثر مما بنت.
_ما السياق الذي دفعك لقول “إن لم تستطع أن تكون إنسانًا حرًا، فأغلق فمك، وكن عبدًا محترمًا”؟
هل تعتقد أن هناك فرقًا بين الحرية الحقيقية والحرية الزائفة؟ وكيف يمكن تمييزهما؟
ــ هناك كتّاب كثيرون فقدوا حرياتهم وانخرطوا في خدمة بعض الكيانات التي تطعمهم وتمنحهم امتيازات كثيرة لخدمتها، أو لخدمة مشاريعها السياسية، بعيدا عن الفن. هؤلاء نوع من العبيد الجدد الذين دمروا شرف الأدب وأبعدوا القراء عنه بمواقفهم التبعية التي لم تعد مشرفة. لا أحد منهم يستطيع الاقتراب من موضوعات ممنوعة: قضية الاضطهاد والاحتلال والإبادة. لقد أصبحوا يدافعون عن المثلية إرضاء للمجتمعات الغربية التي توزع عليهم الأموال والجوائز، لكنهم يعتبرون المقاومة إرهابا، والعربية لغة البدو، والإسلام دينا يدعو إلى العنف. أما التوراة والكتب المقدسة الأخرى فلا يقتربون منها أبدا، كما لا يقتربون من شطط الدول الكبرى وخطورتها على الإنسان.
هذا النوع لا يهتمّ بالمأساة البشرية التي تتسبب فيها مختلف الكيانات المهيمنة، لكنه يستطيع، بأريحية كبيرة، انتقاد التعساء وانتقاد الفلسطينيين واليمنيين لأنهم لا يمنحون لهم جوائز، ولا يضمنون ترجمة نصوصهم إلى لغات أخرى لأن ذلك من وظائف الجماعات الضاغطة التي تعبث بهم. لذلك قلت لهم اغلقوا أفواهكم، وهذا أفضل لهم لأنّ الشعوب لا تنسى. إنها ذاكرة عظيمة.
_كيف تصف تأثير الجماعة الأدبية المسلحة على المشهد الأدبي في الجزائر خلال السنوات الأخيرة؟
ــ الجماعات الأدبية المسلحة عبارة أطلقتها من سنين على صنف من الكتّاب الذين يحتكرون المشهد، أدبيا وإعلاميا وثقافيا وعلميا، وهم يهيمنون على كثير من المؤسسات واللجان، ومنها القنوات التلفزيونية، وهم يمثلوننا داخل الجزائر وخارجها ولهم كلّ الامتيازات. نحن أمام نرجسية مدمرة. هؤلاء أحاديون ويقينيون يبصرون الجمال والعالم من خرم إبرة، وهم عادة ما يتهمون القراء بالتخلف وقلة الفهم. لقد أصبحت الأمة كلها غوغاء ودهماء وهملا، وأصبح النقاد بهاليل. أنا أسميهم المبدعين الجهاديين لأني ضحية من ضحاياهم. إننا محظوظون إذ وجدنا شبكات التواصل الاجتماعي كمنقذ من هيمنتهم، وهناك دور النشر، على أمل أن تقوم لجان القراءة بمهامها.
إنّ تواجد هؤلاء في كلّ الهيئات والمناسبات محو ضمني للكفاءات الإبداعية الأخرى من مختلف الأعمار والتوجهات والقناعات الدينية التي يراد اختزالها في منظوراتهم اليسارية أو الغربية المستوردة بشكل إملائي فظ. كان هؤلاء يشتكون من الاستبداد، لكنهم أصبحوا لوبيات مستبدة وإقصائية، وهم يريدون البلد على مقاسهم، مستطيلا مرة ومربعا مرة ودائريا مرات أخر عندما تمسّ مصالحهم المادية وتوجهات الأيديولوجية ونصوصهم التي أصبحت مقياسا للأدب الجيد، وفق منطقهم اليقيني: إمّا هم أو لا أحد من هؤلاء المنحطين الذين ينتقدون أعمالهم، كما يتصورون الآخرين من أبراجهم التي صنعوها لأنفسهم بمساعدة السياقات وبعض الأفراد والهيئات والدعاية والعلاقات.
أعتبر، دون تردد، أنّ هذه الجماعات الضاغطة نقطة سوداء في تاريخ الإبداع الجزائري المعاصر لأنها تقوم بمهمة توزيع صكوك الغفران بطريقة ناعمة، وهي تلصق كلّ التهم بمن يخالفها فنيا وأيديولوجيا وعقائديا، وفي الوقت الذي تدعي فيه العقلانية والديمقراطية والتنوير تعمل على تكميم أفواه القراء والنقاد لأنها تحتكر اللجان والمنابر الإعلامية. لقد أصبح تحرير الأدب من المؤسسات المالية والسياسية والعصابات الأدبية حتمية تاريخية عله يستعيد بعض مجده.
_ أخبرنا عن جديدك وما النصيحة التي تقدمها للأشخاص الذين يشعرون بأنهم محاصرون في ظروف تمنعهم من التعبير عن آرائهم..؟
ــ أصدرت سنة 2024 سبعة كتب. ثلاثة منها كانت جاهزة، وهي عبارة عن مقالات صحفية في النقد والفكر والثقافة والترجمة واللغة: جائحة الأدب، يسألونك عن الكتبة، عين الكلمة، وهناك رواية بعنوان: السادة الأنذال، وكانت شبه منتهية من مدة، إضافة إلى ثلاثة كتب حول الطاهر وطار وعبد الحميد بن هدوقة ومالك حداد في سلسلة أعلام الجزائر. لقد ساعدني انسحابي من الجامعة، وابتعادي عن الكتّاب المتحزبين والمثقفين الآلهة والنخب المستلبة في تخصيص وقتي لما هو أنفع من الصدامات العبثية.
شكرا لك وللمتابعين الكرام