“رحلة الروح “
بقلم صوريا حمدوش : الجزائر/
إن الحياة رحلة الروح إلى الجسد المادي ومن هنا تبتدأ خطواتها الأولى ومعاركها مع قوانين الأرض تحاول طمس كل عوالمها بالتحكم فيها وتقيدها بعدما كانت حرة وفي الان نفسه مشبعة بكل علوم الأكوان ، وكلما طوقت القيود الإنسان واستسلم لها دون اعمال العقل كلما ابتعد عن الفطرة الأولى ، وبالتالي خلق لنفسه جدر تبعده عن حقيقته وتبتدأ رحلة التيه في هذا الوجود وكلما آمن بما يلقن له دون تفكر وتدبر كلما ابتعد أكثر عن روحه ، لهذا كان الله سبحانه وتعالى يرسل الرسل عندما يصل الخلق إلى الطرق المعتمة ويفقدون كل مقومات الروح والنفخة الأولى وتبقى سوى الحجب ويكتمل الران على القلب ، فلا عودة لهم وقد استنفذوا كل الاحتمالات التي سطرت لهم باللوح المحفوظ ، وهكذا يأتي بأقوام غيرهم ، في كل مرحلة ومع كل نبي ورسول كانت تعدل القوانين السماوية بما يليق بفكر تلك النسخة من البشر ، حتى وصل آخر الرسل ومعه اكمل الكتب على الإطلاق ، الذي جمع بين أثار الأولين من الأمم فجمع كل علوم الأكوان مشفرة وفي نفس الوقت متاحة للعالمين ليتدبروا ويتفكروا فيه وكل يجد ظالته بحسب التنقيب في روحه وإزالة الحجب التي وضعها الأولون ، من قيود كالأحكام المسبقة دون تبين الحقيقة ، والتي شفراتها كلها معقودة بحبل الله وكلما عدت إليه عن طريق عوالم الروح ، عرفت حقيقتك وحقيقة وجودك ورسالتك في هذا الكون ، لكن الإنسان في هذه الآونة الأخيرة فقد مايربطه بالروح والوجود الأول نقصد به الفطرة ، فقد يقينه بالله وصار يصارع من أجل فتات الماديات ظنا منه أنها المكسب الوحيد الذي تقوم عليه الحياة ، وأنه كلما حاز الكثير من المكتسبات المادية ، كلما أرسى قواعد وجوده في الأرض ولا يهم الطريقة التي يستحوذ فيها على المزيد من خيرات هذا الكون ولايهم إن أهلك الحرث والنسل ولايهم كم من روح كسر في رحلته المادية إلى تحقيق ملذاته ، في كل مرة يحقق نجاحا يسقط في دروبه الخلق يكون قد تعاظم بنيانه في الحجب بينه وبين الله ، لكن الرحلة متشعبة ومتنوعة ، فالبعض يرى بعينه القاصرة دوما الآخر هو المذنب وبينما يرى نفسه المسكين والضحية ، عندما لايعترف بأخطائه ويجعل من الظروف مشجبا يعلق عليه هزائمه ويجعل من اللوم والعتاب درعا واقيا لعله يسترجع بعض حقوقه أو ماسقط منه في الرحلة ، لكن هذا مجرد برمجيات للعقل الذي فقد توازنه عندما فقد الحلقة التي تربطه بالروح ، فالعقل الحلقة التي تتوسط بين الروح والنفس ، الروح القادمة من عالم الذر ذلك العالم النوراني والنفس التي تمثل الجسد والعالم الطيني وكلما فقد إحدى الحلقتين يظل ويبقى أعرجا لايستطيع أن يؤذي رسالته أو ربما لم يعرفها مطلقا لأنه فقد تواصله بروحه وخضع مند البداية إلى ماوجد عليه أباءه فعاش كما الحمار يحمل أسفارا.