الهادي هنيد: هذا الرجل ٠٠٠ شهادة!
صالح هشام / الرباط
الأستاذ الهادي هنيد: أيقونة غنية عن التعريف في مدينة وادي زم، الكل يحترمه ويقدره، لأنه فعلا يستحق كل تقدير وألف انحناءة احترام، هذا الرجل يعتبر من أوفى الأوفياء للكتاب، في زمن عزت فيه القراءة وأصبح القارئ عملة نادرة، أشبه بالخسوف، وأعلن العقوق على الكتاب كمصدر من أروع مصادر المعرفة، هذا الرجل عرفناه ونحن في المدارس الثانوية فرسخ في أذهاننا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة: أن حياة واحدة لا تكفي ومن يريد أن يعيش حيوات عريضة لا طويلة عليه أن يتأبط الكتاب!
هذا الرجل، ما خلت يده يوما من الأيام من كتاب، فكتابه رفيقه لصيق به كظله، فأينما ومتى تلتقي الأستاذ هنيد إلا وتجد كتابا يتحد بيده النحيفة اتحادا صوفيا، وفي أي مجال من المجالات وإن كنت أعرفه فقط عن بعد فأظنه يعشق الرواية العالمية، من خلال اقتناصي لبعض طبعات الكتب التي أختلس النظر إليها في يده!
يوقظ حب الاستطلاع عش الدبور في ذهنك، ماذا يقرأ هذا الرجل ولمن يقرأ وبأية لغة يقرأ؟ فقد عرفناه عاشقا للأدب والفلسفة وباللغة الفرنسية التي يعرف كيف يروض حروفها وبكفاءة أكثر بكثير من أهلها، فهو قبل أن يكون استاذا كبيرا لهذه اللغة، يعشقها عشقا صوفيا قل نظيره، والعجيب في هذا الرجل أنه أصبح يضرب به المثل في أوساط وادي زم في مجال الوفاء للكتاب، والإدمان على القراءة الورقية، إذ لم تؤثر عليه هذه الموجة العاتية من مختلف الوسائل المعلوماتية التي أتت على الكتاب الورقي كالسيل من حيث لا يحتسب!، كما أنه -حفظه الله – لم يؤثر عليه عامل السن. آه عفوا، فعشق الكتاب خارج عن حدود السن، خارج عن الزمان، خارج عن حدود المكان!
أذكر أني في آخر زيارة لمدينة وادي زم، لمحت الرجل صدفة في زحام المارة، ذات مساء، وركزت تلقائيا نظر ي منه على اليد، فكانت تعانق الكتاب برفق وتحضنه كالأم تحنو على وليدها حتى في أماكن الازدحام، وأعتقد شخصيا أن عشق الرجل للكتاب أصبح بمثابة الهواء الذي يتنفسه، فتضاعف تقديري وعظم احترامي لهذا الرجل الكبير في عالم القراءة أكثر من ذي قبل!
ما رأيت قارئا أوفى منه للكتاب، حفظه الله وأطال عمره، وأبقاه ذخرا للقراءة والكتاب، ومثلا يضربه السلف للخلف في مجال الوفاء لهذه الكنوز المعرفية الورقية التي أعلنا عليها العصيان، وتنكرنا لجميلها!
بوركت أستاذي الكريم الهادي هنيد، ودمت لنا نبراسا نقتدي به في متاهات المكتبات، ومصادر العلم والمعرفة!