نجية العلوي/
تعيش منطقة المغرب العربي، التي تشمل دول ليبيا والجزائر والمغرب، أوقاتًا عصيبة ومحطات صعبة على الصعيدين البشري والبيئي. لقد شهدت هذه الدول الثلاث سلسلة من الكوارث الطبيعية في فترة زمنية قصيرة، تسببت في خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات. سنستعرض هنا التحديات التي واجهها المواطنون والدروس والعبر المستفادة من وقوع هذه الكوارث.
مع بداية الأسبوع الثاني من شهر شتنبر الجاري، حيث كانت بلدان العالم منشغلة بالدخول السياسي والإجتماعي وكانت الأسر منهمكة في شراء لوازم تدريس أبنائها وبناتها، أبت الطبيعة إلا أن تقول كلمتها وتفاجئ الجميع بدخولها على الخط عبر سلسلة من الكوارث الخطيرة التي انهالت تباعا وفي فترة زمنية متقاربة على مجموعة من بلدان المغرب العربي.
بدأت أولى هاته الكوارث بزلزال بقوة سبع درجات على سلم ريشتر ضرب منطقة الحوز في مراكش. فتسبب في خسائر مادية هامة وأضرار بليغة في المباني والبنيات التحتية. وأسفر عن خسائر بشرية جسيمة، مما جعل الإسعاف والإغاثة أمرًا ضروريًا.
كما عرت هاته الكارثة عن الواقع الحقيقي للهشاشة التي يعيشها المغاربة المنفيون في سفوح الجبال وفي الفيافي والقفار. وفضحت زيف شعارات الحكومة وغياب استراتيجية واضحة للتنمية.
فالزلزال دك المباني وقطع الطرق المهترئة وصعب من مهمة إنقاذ وانتشال الضحايا والمطمورين تحت الأنقاض. وفضحت “لايفات الناجين وذويهم” غياب المسؤولين من وزراء ورجال السلطة ومنتخبين، الذين يتسابقون لالتقاط الصور خلال تدشين المشاريع الورقية ويولون الأدبار عند الكوارث الحقيقية.
في المقابل سلطت هاته الكارثة الضوء على التضامن الكبير بين أفراد الشعب المغربي الذي كان في مستوى الحدث وقدم درسا بليغا للمواطنين المغاربة في الداخل والخارج.
لم تكد تمر بضعة أيام على زلزال مراكش، حتى استيقظت ليبيا على وقع إعصار مدمر ضرب مدينة درنة. هاته الكارثة تسببت في دمار هائل وخسائر كبيرة في الأرواح، ما جعل المجتمع الدولي يواجه تحديات إنسانية خاصة في محاولة تقديم المساعدة والإغاثة للضحايا.
وفي حادثة أخرى، في منطقة المغرب العربي، اندلع حريق هائل في غابات الساكت بولاية بجاية بالجزائر. هذا الحريق الضخم أسفر عن خسائر كبيرة في الثروة الغابوية والبيئة، على الرغم من عدم تسجيل خسائر بشرية. إلا أن الحريق استدعى تدخل السلطات للحفاظ على الثروة الطبيعية.
لقد واجه المغرب وليبيا والجزائر تحديات عديدة جراء هذه الكوارث، بما في ذلك خطة إعادة بناء المناطق المتضررة، وتقديم المساعدة الإنسانية للمتضررين، وتعزيز الاستعداد لمواجهة الكوارث المستقبلية. إن المجتمع الدولي، من منطلق التكافل والتعاون، مدعو إلى تقديم الدعم الضروري لمساعدة الدول المتضررة في هذه اللحظات الصعبة.
إن ما وقع مؤخرا في منطقة المغرب العربي عموما والمغرب خصوصا يعتبر فرصة لمساءلة الحكومات المتعاقبة عن سياساتها للنهوض بأوضاع مواطنيها. فكل من تحمل المسؤولية تجب محاسبته عن تعطل التنمية بالمناطق المنكوبة وعن الميزانيات المفترض رصدها للنهوض بها، والتي فضح الزلزال هشاشتها واهتراء بنيتها التحتية والفقر الواضح الذي يرزح تحته سكانها.
إن الحكومة المغربية مدعوة اليوم بصفة استعجالية إلى تفعيل تدابير وقائية عبر التفكير في تطوير استراتيجيات وخطط طوارئ أفضل للتعامل مع الكوارث المحتملة في المستقبل. كما أنها مدعوة إلى توفير فرص عيش أفضل للمغاربة القاطنين بهاته المناطق وغيرها بما يضمن حق المواطن المغربي في العيش بكرامة.
من الدروس نتعلم ومن الكوارث نستفيد، وعلينا مراجعة السياسات الحكومية المتبعة ووضع الأصبع على مكامن الخلل ومحاسبة المسؤولين المتهاونين والغشاشين وناهبي المال العام، ومعطلي التنمية. فالمغرب للجميع والعيش الكريم حق وليس امتياز.