الأديب والجمعوي والفنان محمد منير: الشاعر يلد كلماته من فجر ألوانه
حاورته الأديبة التونسيّة فتحية الهاشمي
في عيد مدارات المتجدد
لو أردنا التّحدّث عن محمد منير، من أين يمكننا أو يجب علينا أن نبدأ يا ترى؟ الشاعر فيه يغرينا باقتحام أبجديته والرسّام فيه يغوينا ويشدّنا إلى غابة ألوانه التي يسكنها الشّتاء ويعشش في تفاصيلها الصيف وتسكن إليها الصحراء فنجد أن الرسام الشاعر كائن بحري مصلوب في الصحراء كما قال عنه أحد متتبعي كتاباته أو شطحاته الانسانيّة ، لعلّني سأترك كلّ هذا جانبا وأبدأ من النقطة الصّفر ، يعني من منتدى أوراق المغربي وبعده منتدى مدارات الذي تشعب وصار أخطبوطا انتهى إلى دار نشر نتمنى أن يكتب لها النّجاح ، تعرّفنا إلى محمد منير في تونس من خلال منتدى مدارات الذي كان يعمل جاهدا على تطويره والخروج به الى مجرى النور وكان هذا المنتدى يجمع بين جنبيه ثلّة طيّبة من المبدعين الجادين وكنا نناقش كلّ القضايا الثقافية فيه بكل تجرد من حساسيات الانتماء أو الجغرافيا أو المذهب وكان محمد منير الجمعوي الهادئ هدوء العاصفة والواسع وسع البحر و المنهمر عطاء انهمار مطر الخريف في يوم غائم يسعى جاهدا مع طاقم الفريق كي ينقل العمل الافتراضي إلى أرض الواقع وكنّا نتوق للقاء بعضنا البعض وكنا نتحاور ولا نمل ولا نكل وهكذا جاءت فكرة مهرجان” قافلة المحبة” التي ستكون هذا العام في دورتها الحادية عشر وانتقلنا من حلم باذخ إلى عمل جاد وصرنا نقوم بالأنشطة في تونس و المغرب و كنا نتوق دائما للأفضل و هكذا فتح لنا الشاعر الرسام الجمعوي باب المغرب الثقافي على مصراعيه وفتحنا له باب تونس الثقافي أيضا على مصراعيه و هكذا تلاقحت الثقافات و صار العمل أكبر وأجدى و لكن محمد منير لم يهدأ و لم يهجع و جعل من مدارات ملاذ الشباب الحالم والعامل وأصبحت آيت أورير مزارا للثقافة والمثقفين العرب والانسانيين وتعددت الأنشطة وتنوعت وتوسعت وخرجت للأرياف و البوادي و احتوت الصغار قبل الكبار و صارت قوافل معرفتها و مكتباتها تتنقل من قرية لمدينة لجبل ومازالت لم ولن تستقر بعد وكل هذا بفضل ذاك المؤمن بطاقات وأهداف الثقافة وأن لا ثورة بدون ثورة ثقافية ولا تقدم لشعب بدون التحصيل. ها نحن نفتح معه القول كي نحاول الولوج إلى عتبات حلمه أو أحلامه المجنّحة ونقول له:
ـــ هل يمكن أن ننعتك بعبّاس ابن فرناس عصره يا ترى؟
* لكل زمن عباسه ، فكلنا نحاول الطيران في الأفق الرحب ، وكحالمين بالإبداع نسعى لنشر الجمال والحب من خلال البحث عن اجنحة آمنة نحلق بنا في سموات الخلق والانتصار للجمال ، لكنني لا اريد أن اكون نسخة من ابن فرناس لأني لا أرغب في السقوط المفاجئ …فان كان عباس ابن فرناس قد نسي أن يصنع له ذيلا حين هم بالطيران مما أسرع في سقوطه أرضا ، فمحمد منير يحاول أن يجد له التوزان الطبيعي حتى لا يتكرر العباس الاندلسي فيه.
ـــ بين الرّيشة والقلم هل يوجد مرفأ لحلم ثالث بينهما؟
* أحلام وزوارق كثيرة حالمة هي أخرى ، تبحر بحثا لها عن مرفأ ابداعي آمن ، لكن الحلم الأكبر الذي يلم كل هذه الأحلام هو تربوي جمعوي ، حلم يستمد مخياله من قلوب الطفولة … هكذا أرى قوتي الابداعية فلا الريشة ولا القلم يقدر على الحياة بدون حلم الطفولة …
ـــ الأنثى هل تعتبرها قصيدة لم تكتمل ولوحة لم تلد ألوانها بعد؟
* القصائد واللوحات التي لا تؤنث لا يعول عليها ….
ـــ مدارات: أين هي من إناثك يا ترى؟
* مدارات هي أنثاي التي كلما اشتد بي التعب طبطبت على صدري وأخذتني عبر الحلم ، هي الأنثى التي استمد منها نبض القلب وتراقص الأحرف ، هي بداية البدايات وهي معبر للكثير من الأصوات التي حملناها إلى بر الأمان منها من آمن ومنها من كفر … مدارات تبقى صوتي الصارخ في وجه الكره وهي انتصار للجمال والابداع ، أليست هي قافلة المحبة وهي قوافل الابداع المغاربي وأليست كذلك ابداعات بصيغة المؤنث ومبدعون في ضيافتها ومبدع على مائدة النقد وموائد اخرى الكثير منها يتراقص كل سنة ، مدارات وحدها وبكل فخر مملكة للإبداع النابض بالعشق ..
كلمات نعتبرها مفتاح شخصيّتك:
– الكتابة
* نبض المحبة اللامنتهي
– الرّسم
* سفين النجاة الاخير
– النضال
اكتوينا منها لسنوات وتعلمنا منه الكثير
– الحرّية
* نحارب من أجلها …
– العمل الجمعوي
* دمائي التي أمنحها حبا للأجيال القادمة
– كازا
* معشوقتي وسندي مهما بعدي عنها
– ايت أورير
* المدينة تستحق الحياة
– السّفر
* عسل الكتابة
– الخوف
* الامر الذي لا مدخل له عندي
– الحياة
* اعيشها كما هي
– الموت
* بوابة لبحر أخر
– الخيانة
* كل منا يمارسها بشكل من الاشكال
– الصّداقة
* ورقة كلما تساقط المطر تبللت للأسف في زمنا هذا
– الحبّ
* ترياق
قصيدة أو نصّ أو لوحة أو صمت كذلك نختم به هذه المصافحة الصّغيرة في عيد مدارات المتجدد وكلّ حرف ونحن وإيّاها بكلّ الخير.
لا تقربني..
اكتمل الليل
اغتسل ببياضي..
وتكفن بي.
لا تقربني
جفّ حبر القلب
قضى بحلمه
واستدرج للبحر
جسدي.
لا تقربني
تدفق ماء الشهوة
على صدر امرأة
باعتني للريح..
واحترق.