إنهم يقتلون النصّ ..!

د كاميليا عبد الفتاح

يتصدرُ قائمةَ القَتَلة هذا الذي يُشيرُ إلى نفسه بصفة ” الكاتب ” ، على غلاف مجموعة من الأوراق الكارثية التي لا تتصلُ بالكتابة الأدبية بأي صلة . ماالذي دفعه إلى هذا ، ما هي الغاية التي أراد تحقيقَها ؟ غايته الحصول على وضعية ، أو كينونة ، ” كاتب ” وهي الرخصة التي تمكّنه من أنْ يتبوّأ مقعدا من مقاعد القائلين . لكنّ صاحبنَا لا يسعى إلى هذه الكينونة ليحظى بما كان يحظى به الكُتّابُ ، قديما ، من المهابة والتقدير و القدرة على التأثير في الفعل المجتمعي ، بل يسعى – بمثابرة عجيبة – إلى غايات مادية عملية ، على رأسها الفوزُ بجائزة لها ثِقَلُها ، المادي والمعنوي ، لأنّ هذا الفوز سيذيعُ اسمَه في كل مكان ، ممّا يدفعُ كثيرا من دور النشر إلى التهالك على إصداراته الجديدة ، التي سيتهالك القارئُ عليها بسبب ذيوع الاسم ، كما أنّ فوزه سيكون دافعا لترشّحه في لجان تحكيم الجوائز ، وارتياد المؤتمرات ، داخل وخارج البلاد ، و الالتقاء بشباب الجامعات ، ياللمصيبة ، لمنحهم بعض الرؤى المقدسة في الحياة . هذا فضلا عن الالتحاق بإدارة بعض المجلات أو الصحف المتخصصة ، و ، من ثم ، الحصول على المزيد من الجوائز بعد أن تعملقتْ مكانته ، و تعملقَ اسمُه ، و أصبح هذا الاسمُ ، في ذاته ، جواز مرور للفوز بأي مكسب ، ومن غير المُستطاع تجاهله أو استبعاده .

هذا القاتل لم يكن ليستطيعَ إتقان جريمته إلّا بتكاتف جميع الأطراف معه : الناقد المزيّف الذي تمثّل في لجنة التحكيم ، والذي أوصى بفوز الكتابة المزيفة تحت إغراء كثير من المكاسب وتحت وطأة عجزه عن النقد الحقيقي والتمييز بين الكتابة و العبث ، و الناشر الذي يخفي تحت اسمه الكبير عباءة التاجر ، والذي لا صلة له بماكان عليه الناشرون القُدامى من ثقافة واعتداد بالنص والفكر والإبداع . أما المتلقي فهو مشكلة شديدة التعقيد ، فهو ضحية الأطراف المُشار إليها ، وهو طرف مسؤول ، في الوقت ذاته ،ولهذا يحتاجُ إلى وقفة خاصة .

*إنهم يقتلون النص الحقيقي بإزاحته عمدا إلى الصمت ، و ، في أحيان كثيرة ، يقتلونه بالتجاهل المُهين ، والحرب القذرة .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.