من أجل أمن ثقافي بالمغرب المقاطعة والمطالبة برحيل وزير الثقافة

 

قد يكفي في تشخيص عجز وزير الثقافة الحالي وفشله في التدبير السليم والسلمي لقطاع الثقافة ذكر ما أقدم عليه فنان، وكاتب، وفاعل جمعوي وموظف سابق بالوزارة بإحراق نفسه بعدما أيقن أن هذا الوزير يتقن فن قتل كل شيء بالإهمال والتجاهل وركوب رأسه، وتغييب أسس الحكامة ومبادئ الديمقراطية التشاركية.
قد تكفي هذه الفاجعة لدق طبول الإنذار الطويل، وفهم أن ما جرى يخفي خلفه أشكالا تراجيدية أخرى مقبلة تهدد الأمن الثقافي بالمغرب، وتضرب صورته في الصميم، في غياب حكومة مسؤولة تحاسب أعضاءها الذين لا يقدّرون المسؤولية.
وقد نبّه المرصد المغربي للثقافة، منذ ما يفوق عن أربعة أشهر، وبإلحاح، أن غياب سياسة ثقافية عادلة، ورؤية واضحة، وتدبير عقلاني ناضج ومسؤول سيقود إلى شرخ وتصدعات كبرى في ثقافتنا بوصفها المرآة التي نرى من خلاها أنفسنا، وعزّتنا وحضارتنا، وبها يرانا غيرنا أيضا.
إن ما وصلنا إليه، في وقت قياسي، كان نتيجة حتمية للخطوات الخاطئة وللتعنت المجّاني ورفض الحوار التفاعلي، واتخاذ قرارات أشبه بمغامرات متسرعة، وضيق في الرؤية، وعدم استيعاب لمعنى الثقافة وأدوارها.
فمنذ مطلع السنة الجارية، ونحن ندعو إلى فتح حوار حقيقي يكون فيه المثقفون والفنانون وكل الفاعلين في المجال الثقافي شركاء في رسم طريق واضحة تعكس الثراء، وتتجاوز عقلية الغرابة، وتُجار الذمم، لكن السيد وزير الثقافة اختار الطريق الأسهل الذي يعكس توجهه الخاص، فأمعن في معاداة الثقافة والمثقفين ونزَع، عنوة وبلا حقّ، وفي تحدّ سافر للأخلاقيات والأعراف والقوانين والدستور، الجوائز عن الفائزين بها ، ودفع بهم إلى ردهات المحاكم، ولم يكتف بذلك، بل زاد في الهجوم درجات فحجب جائزة المغرب هذه السنة، ونقل المعرض الدولي للنشر والكتاب من مكانه التاريخي والرمزي دون مسوغات موضوعية، وقلص دعم النشر والجمعيات، وأربك كل مساطره… مما أثر في عدد المنشورات المغربية وهبوطها إلى مستويات دنيا غير مسبوقة، بالإضافة إلى الخروقات التي تجري في مناصب المسؤولية، وتهميش الطاقات الفاعلة، وخلق أجواء مسمومة ومتشنجة داخل المشهد الثقافي.
إننا في المرصد المغربي للثقافة، ندرك درجة الغضب وسط المثقفين المغاربة، مما وقع ويقع، ونُقدّر كل الآراء والمناقشات بما تحتويه من اختلاف بنّاء، كما نثمن الجهود التي يبذلونها في كل المدن الكبيرة والصغيرة والمراكز البعيدة بمجهودات ذاتية محدودة الإمكانات، وقوية العطاء، لتأكيد دورهم الطلائعي والشجاع في صون تعددية صوت الثقافة نقيّا وحيّا كما صانها الجيل السابق بشجاعة نادرة في ظروف قاسية.
أمام ما وصلنا إليه من وضع يُنبئ بالمزيد من الفواجع، يتحمل مسؤوليته الكاملة وزير الثقافة الذي لم يستوعب أن تدبير قطاع الثقافة ليس هو تدبير شركة أو اللعب في رقعة خشبية؛ أو ممارسة المسؤولية بحسابات ذاتية؛
وأمام التعنت وركوب المغامرات التي أزهقت روح واحد من المثقفين المغاربة، والاستخفاف بالرأي الآخر في ما يخص المعرض الدولي للنشر والكتاب، ورفض أي حوار تشاوري في القضايا المتعلقة بالمجال الثقافي والفني، وتعليق المكتسبات ، وإيقاف المسارات الإيجابية ،فإننا نعلن :
– مقاطعة المعرضالدولي للنشر والكتاب(المُقرصن) والمزمع عقده بالرباط وذلك بعدم المشاركة في الأنشطة الثقافية التي تشرف عليها وزارة الثقافة؛
– الدعوة إلى الوعي بخطورة تدبير الوزارة للشأن الثقافي، وآثاره السلبية حالا ومستقبلا على سلامة الأمن الثقافي للبلاد والعباد؛
– الدعوة إلى تكاثف الإرادات النبيلة للمثقفين والهيئات الثقافية والمؤسسات المهتمة للوقوف أمام هذه الهجمة الشرسة على أنبل ما فينا (الثقافة)، والدفاع عنها بروح مواطنة لا تقيد نفسها بحسابات ظرفية، أو مصالح شخصية؛
– المطالبة برحيل وزير الثقافة،وفق المقتضيات الدستورية،للحد من التداعيات السلبية للقرارات المزاجية، والمواقف القاتلة لروح الإبداع والإنتاج الثقافي،والداعية إلى الكفر بالثقافة وما يترتب عن ذلك من بؤس قيمي ومعرفي؛ وإهدار للزمن، وترسيخ للفراغ.

المرصد المغربي للثقافة/

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.