بمناسبة اليوم العالمي للمرأة: الدكتور والأديب بوشعيب المسعودي يحتفل بالمرأة في مجموعته القصصية : دخلت

صدر للدكتور والمخرج السينمائي والأديب بوشعيب المسعودي، مجموعة قصصية قصيرة جدا بعنوان “دخلت…”، باللغتين العربية والانجليزية، وهذه المجموعة تضم 70 شذرة أو قصة قصيرة جدا، في إطار الشذرات والتي عنونها في هذه المجموعة بعنوان فرعي وهو: (وتستمر الشذرات… شذراتهن.)  وجاءت هذه المجموعة بعد المجموعة القصصية القصيرة “لهفة وهتاف.. شذراتهم” الخاصة بالذكور… وتدور المجموعة القصصية القصيرة “دخلت…” حول عالم نون النسوة، عبر أحلامهن وعشقهن وخيباتهن وما يخبئ لهن القدر من مفاجآت وانتكاسات وأفراح وأتراح وذكريات، حيث استطاع الكاتب أن يمزج بين السينما والسرد والطب.

واختيار بوشعيب المسعودي (دخلت..) كعنوان لمجموعته القصصية، هو اختيار دلالي ورمزي عميق وتلخيص لعوالم المرأة.
” دخلت القاعة.. مرفقة بزوجها.. بأمها..
زاد وزنها بضعة كيلوغرامات..
لبست الوزرة الزرقاء..
فتحت رجليها..
سمعت صرخة تحتها..
لا تحزني.. قدري أن أكون من الصنف غير المحترم..
قدري أن أكون أنثى…”
مفتاح المجموعة القصصية ككل هي (دخلت..). في كل الأزمنة والأمكنة التي تؤرخ لتاء التأنيث في قوتها وضعفها، في أحلامها وانكساراتها، في مرضها ومرض أقاربها، في القدر السيزيفي اللعين الذي يطاردها، في الخيبات والانكسارات التي تعيشها، في حياة الأنثى بتناقضاتها وقسوتها وجمالها وقبحها.
(دخلت) جاءت بفعل ماضي، لكن هذا الدخول يفرض نفسه ابداعيا وطبيا وسينمائيا.
ان هذا الدخول كما يقول المبدع أمبرتو ايكو: (تلك المتاهة هي صورة من هذا العالم: فسيحة لمن يريد الدخول، ضيقة لمن يرغب في الخروج.)
ان فعل الدخول لعوالم (دخلت) يتطلب منا بهاء وصفاء ونقاء، كما يقول المهاتما غاندي: (لن أسمح لأحد بالدخول إلى عقلي بأقدام متسخة.)
يقول الأستاذ محمد محقق في تقديمه الأول: (وعنوان المجموعة القصصية للقاص بوشعيب المسعودي هو دخلت.. الذي اختاره ليدفع بالمتلقي الى التساؤل والحيرة لماذا جاء بهاته الصيغة أي بفعل ونقطتين؟ في اعتقادي هدف القاص الى تقديم نظرة شمولية حول عوالم الأنثى التي تحاول التعايش فيها مع شخصيات النصوص المسرودة من خلال هذا الفعل المنتمي الى الماضي المطلق والذي يدل على عدم ارتباطه بزمن معين عند حدوثه سواء كان قريبا أم بعيدا..) ص13
ويواصل الأستاذ محمد محقق في تقديمه الأول القول: (اذن ف دخلت.. هي عبارة عن قصص قصيرة ترصد حركة الذات الإنسانية النابضة بالحياة منذ الأزل الى ما لا نهاية وتعبر عن الحضور الأنثوي بامتياز، عن مباهجها وتمنياتها وتحديها وطبيعتها على كافة المستويات… هذه القصص تستجلي عوالم المرأة …) ص13
بينما تكتب الأستاذة مجيدة السباعي في تقديمها وهو الثالث للمجموعة القصصية: (دخلت.. عنوان مميز، شديد الاختصار لكنه محفز، طاعن في الادهاش، علامة لغوية دالة مكتنزة بوظيفة ايحائية وقوة رمزية، تستميل المتلقي بنسقها اللافت وتقنية حذفها الجذابة واقترانها بتاء التأنيث الساكنة.) ص 18
وتواصل الأستاذة مجيدة السباعي القول: (صيغ العنوان جملة فعلية مثبتة، عميقة الخطاب، قديرة الدلالة، مركبة من فعل ماض لازم تعقبه نقط حذف، لا يشي المعنى باتجاه الدخول اصارة لفضول جميل يراود المتلقي عن اعجابه ليهرع الى ولوج عوالم السرد.) ص.18.
وعندما سألنا بوشعيب المسعودي عن العنوان “دخلت” أجاب:
أولاً: الكلمة “دخلت” و”دخل” كلمة لا يمكن أن تكون عنواناً من الوهلة الأولى. فهذا العنوان يطرح تساؤلات حوله ويدفع القارئ العادي أو الناقد للبحث حول ما وراء هذه التسمية والعنونة…
ثانيا: كل القصص الواردة في المجموعة القصصية تبدأ بكلمة “دخلت”، ألا يحق لها أن تكون عنواناً للمجموعة كلها؟ وهذا تحدي أخدته عن نفسي …
ثالثا: وهذا هو الأهم، “دخل” و”دخلت” و”دُخولاً”.  الدخول هو “باسم الله” وهو “الفاتحة”.
وبالنسبة للمرأة التي سميت أية باسمها فالدخول يعني كل شيء وخاصة في صيغة المؤنث وفي صيغة “الجمع”: “دخلت” هي، وهي كل النساء…
يُقال “أدخل باليمين”   يُقال “دخلت برزقها” أي العروس و”دخل” بها أي أخصبها. فالدخول هو “الصراخ” هو “الحياة”. “كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا”ً. (ال عمران: 37)
وذُكرت كلمة “دخل” ومشتقاتها في القرآن الكريم ما يفوق 103 مرة جلها متنوعة وخاصة بالمدخل الكريم والمسجد وبالجنة وبالظل والرحمة وبالبيت وبالسلم… كلها صفات أمكنة متميزة إلا القليل ولا أحسن من “وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء” (النمل: 12).
إن “دخلت” تمس المرأة في عمقها وهي محاولة لإيعاد المعنى العميق للأنثى “وإذا بُشِّر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم” (النحل:58). إن المرأة أخت وبنت وزوجة وعشيقة الرجل، إنها ظله ونصفه، دخلت عليه بالخير أكثره، وبالشر قليله.
“يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى” (الحجرات : 13) إنها بعض من الرجل ودخولها عليه بشرى في كل وقت وخير لصالحه.
الكل يتحيز للذكوري و”دخلت” تحكي المرأة..  قليلا من المرأة…

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.