آزمور مدينة سياحية بدون مرافق ترفيهية و تثقيفية

محمد الصفى/

يعرف أطفال مدينة آزمور واقعا مريرا مقارنة مع باقي أقرانهم بمدن آخري، نتيجة انعدام تواجد ابسط المرافق الترفيهية الخاصة بهم مما يحولهم لأطفال شوارع سيما في فترات العطل المدرسية، التي تتحول لكابوس لأولياء أمورهم، حيث سرعان ما تجف الأقلام و تدس الدفاتر و الكراسات داخل الأكياس أو “الكراطين” ، هذا إذا لم تسلم لبائع ” الزريعة ” مقابل بعض الدريهات، حتى يمتلئ الشارع بهم من كل فج عميق.  ولولا تواجد مدينة آزمور على مشارف نهر أم الربيع ومياه شاطئ الحوزية لكان الوضع أشد قتامة بعد إقبار المسبح البلدي الذي خلد بالمدينة ذكره، أيام كان فيه هؤلاء الأطفال يرسمون لوحة جميلة في مختلف الشوارع والأحياء وهم يتسابقون نحو المساجد وبأيديهم الألواح والمصاحف ويتبارزون في الحفظ ويتباهون بما تمكنوا من حفظه خاصة بالمدينة العتيقة و حي الحفرة و درب ديكري، حيث يمر فصل الحر على هؤلاء وجل أوقاتهم يمضي وهم في أحضان بيوت الله بعيدين عن شغب الشارع وما يحويه من مظاهر الانحراف والتسيب التي باتت تؤتثه،أما اليوم و في ظل ما تشهده المدينة من نواقض يؤدي ثمنها الفقير بطبيعة الحال، نجد الطفل الذي كان بالأمس تلميذا بالقسم، ينقلب جنبا إلى جنب مع الكبار وأرباب العائلات في ورشات البناء والحدادة أو النقل والحمالة او الزراعة او البيع في الأسواق والأرصفة وغيرها من الأنشطة التي يدخل إليها التلاميذ أفواجا لكسب المال بهدف الاستمتاع به وصرفه في اقتناء ما كانوا طيلة الموسم الدراسي يحلمون به،من ملابس أو مستلزمات مدرسية للدخول المدرسي الجديد كل ذلك بغرض تكسير الروتين الصيفي، و هناك نوع ثالث من الأطفال يمضون صيفهم بين الشوارع والمزابل الفوضوية يجمعون كل المتلاشيات من حديد و بلاستيك و زجاج و …أما أطفال المحظوظون فهم من يبتسم لهم الحظ بفرصة للذهاب لإحدى المخيمات التي تنظمها بعض الجمعيات و المنظمات العاملة في الميدان، أو السفر رفقة أولياء أمورهم لمدن أو قرى مجاورة. مدينة بلا مرافق خاصة للشباب أو الأطفال بدون ملاعب أو قاعات رياضية في المستوى و لا دور شباب تتناسب و حجم الساكنة و التوسع المعماري، مدينة تفتقر لمعاهد فنية أو موسيقية، مدينة تفتقر لحدائق و منتزهات خاصة بالأطفال و أولياء أمورهم، مطلب ألحت عليه العديد من الجمعيات و المنظمات الفاعلة في الحقل الجمعوي خاصة في شقه المتعلق بالطفولة من خلال بياناتها و نداءاتها لكن للأسف لم يجد لحد الساعة آذانا صاغية لافتقار و شح أفكار تخطيطية في هذا الباب من قبل أعضاء مجلسها البلدي سواء السلف منهم أو الخلف، و لا حتى مفكرة القيادة الإقليمية التي يمثلها عامل الإقليم، فقد يكون هناك تفكير فيما هو استثماري سياحي لا يستفيد منه إلا القلة القليلة و في أغراض بعيدة كل البعد عن مجال الطفولة، التي مازلت تعاني الحرمان من ابسط حقوقها واسقاطها من مختلف برامج التنمية ليطالبوا في العديد من المرات ببرمجة مشاريع خاصة بتلك الفئة وانشاء مرافق تسلية ومرافق خاصة بالعائلات تمكن مواطني المدينة من إيجاد ملاذ لهم ويلات الشارع و تداعياته التي قد تعصف بهم في دوامة الانحراف و التشرد و تعاطي اصناف المخدرات، لتظل هذه المطالب مجرد أحلام تراود الكبير والصغير بمدينة تزخر بكل المؤهلات التي تخول لها أن تخلق منها فضاءات يستفيد منها أطفالها و أطفال المناطق و المدن المجاورة لها كنوع من الاستثمار الإيجابي و الهادف. 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.