الأستاذ محمد أگرجوط يكتب : قراءة في ديوان الشاعرة خديجة بوعلي
–سمفونية العشق–
بداية استهلت خديجة بوعلي ديوانها “سمفونية حنين” بقصيدة ” عاشقتك انا” كنص مشحون بدلالات انتماء لإحدى المدن السفلى (خنيفرة) بكل ارتباطاتها الوجدانية (ص 10/9):
عاشقتك أنا…
كل الأماكن فيك
تفوح حبا وشوقا
لكل زواياك عبق ذكرى
خنيفرتي…
يا عشقي الأبدي !
أنامل فجرك من حنان
تكفكف آهات غيابات شتى
كفاك من ذهب
تربت الروح…تمحو شجونا،
نخرت للأيام الصدر
فانطلاقا من هذا النص الذي يحدد المجال الزمكاني للديوان اتقنت الشاعرة العزف على أوتار سمفونيتها الإبداعية، إبتلعت من خلالها كل الإحباطات التي شكلت تفاعلاتها وانفعالاتها العاطفية مع محيطها اليومي فأفرزت نصوصا شعرية إبداعية زاخرة بالحيوية، بلغة متعددة الإنزياحات ومفتوحة التأويلات المتماهية مع الواقع المعاش.
تتميز اللغة الشعرية عند خديجة بوعلي بنوع من التماهي مع الرمزية المؤدية إلى دلالات ومعاني مشحونة بطابع التشابك والتلاحم والتكثيف حولتها من أداة للتواصل الى اداة هذيان داخلي:
عندما تئن جدران الصمت
تتهاوى الأبجديات
من اعلى السطر
تطبق صخرة سيزيف على صدر الليل
هل من ريح تحملني على أشرعة الصبر…
(عويل الصخر ص.23)
والشأن ذاته في قصيدة:
رجاء…كسرة قسوة (ص.29)
من ذا الذي يقرضني مثقال قسوة؟!
أجفف بها سيول اللهفة
من ذا الذي يعيرني قليلا من الصد
وكثيرا من الغفوة
أنقض بها عهود الحب والألفة…
فأغلب قصائد الديوان (55 نص) قائمة عل نوع من التماهي بين الذات كمكون مركزي والطبيعة كبؤرة استعارية رمزية تنطق بكل آلام الذات واحلامها وآمالها وإحباطاتها:
بالوان الطيف
علقت الأحلام
بخيوط عنكبوت
لونت الأوهام
ما طال بها الأمد…
(شذرات على وجه الريح ص.80)
لن أهد الهرم…
بنته فراعنة خيالاتي
بصلد الصخر والجلد
(حشرجات ضياع ص.112)
كملاحظة أخيرة فقد برزت الشاعرة خديجة بوعلي من خلال كل دواوينها كشاعرة متمكنة ومتميزة وناضجة قابضة على زمام الكتابة الشعرية.
أ. محمد أگرجوط-