حوار : لوبوان24 تستضيف الشاعر المغربي سعيد حرور

يقود هذا الحوارُ اللغة إلى سفر شيّق يَهَبُ خصوبته للمتلقي بوصفه شهادة حسن النية في مصاحبة القصيدة لأسرارها الخبيئة بطيبوبةٍ نادرةٍ، كما تحكمه الشساعة في طرح قضايا إبداعية وجمالية وتخيّلية متعلقة بالإبداع ، وزمن الكتابة، والذكريات العتيقة مع حروف طريّة في بهو الذاكرة محكومة بدهشة الحنين الذي يتساقط من فردوس الغبطة مبتهجًا بمحبته الأنيقة.
في كل مرة كنت أظن أني أربكه أو أسيّجه بأسئلة عصيّة، فيخرج منتصرًا بأناقة لغته من شقوق سرية يعرف أبوابها وحده فقط، وكأنه يُضاعف اختراق متخيّله بفاعلية متوهجة بحنين لا يضل طريقه نحو الينابيع ارتواءً للمجهول واللايقين، وخصوبة ضد المحو والنسيان المكثف. لا هدنة مع الحوار عندما تكون الأسئلة فِخَاخًا والأجوبة مكائد.
هو شاعر تجتمع فيه كل الصفات ، تتلمذت على يده أفواج من الناشئين صاروا مفخرة لهذا الوطن ،تخضع المفردات لأحاسيسه الجيّاشة، فتنتظم في أجمل القصائد وأكثرها شاعريّة، معجم مفردات ثريّ قائم بذاته، تتناثر الكلمات منه كورود شاردة من حطام الحياة، تلامس عباراته شغاف القلب، كلّ لحظة يعيشها، نعيشها معه في قصيدة تخترق وجداننا، وتلامس أرواحنا. نترك القراء مع هذا الحوار الشيق:

لوبوان24/ حاوره محمد الرضاوي:

س/من هو الشاعر سعيد حرور ؟ متى اكتشفت موهبتك الشعرية ؟ وهل كان للظّروف التي عشتها دورها في ظهور هذه الموهبة؟ حدثنا عن تجربتك.
ج/ سعيد حرور من مواليد مدينة القنيطرة من أسرة متوسطة الحال من بين تسعة أبناء سبع أخوات واخ واحد، وأنا واسطة العقد..
أسرة يجمعها الحب والإباء كذا كبرنا، وكذا تعلمنا لا نسكت على ضيم ولا نرضى قهراً، كانت الأنافة إيزارنا، وحب واحترام الغير اكتسبناه عن والدينا رحمهما الله، أبي في عهد الاستعمار كان مقاوما ولم يطلب تعويضا ولا سعى له. تربيت في هذه البيئة فتشبعت بأفكارها وأخلاقها.
تعرفت على أصدقاء تنوعت مواهبهم أكرمني الله بصحبتهم كان لديهم نهم على المطالعة وحب الدراسة خصوصا الدكتور الديبي محمد الذي مكننا من مكتبة والده رحمه الله. نختار من الكتب ما نشاء، ونرتوي منها، أنشأت مكتبة زينتها ببعض المؤلفات من دواوين وروايات كنا نقتنيها مما يتوفر لنا، تعلقت في هذه المرحلة المبكرة من عمري بديوان الشابي وكذا ديوان مواكب لجبران خليل جبران..
كانت اول باكورة قصيدة فراق التي كتبتها وانا لم اتجاوز السادسة عشر من عمري تلتها قصيدة بيروت الجريح الذي نشرت في مجلة براعم بإعدادية ابن عباد بالقنيطرة،انتابني شعور بالتفوق لا يوصف، فكان الاعتداد بالنفس خصوصا عندما لقبني زملاء الدراسة بالكاتب، كنت أجيد شرح القصائد الشعرية واختمها بعبارة هذا ما يريد قوله الشاعر كي أقفل باب الشرح من ورائي، جميلة هي العودة إلى أرشيف حياتنا، ليت ذاك الإحساس يعود يوما لأحكي له ما فعل بي العمر، وفي هذه المرحلة بالذات كتبت أول قصة بعنوان بلا أمل في السنة الرابعة من الإعدادي قصة حقيقية هي سيرة غيرية تقف على محطات مهمة من الحياة و همومها، وتنقل جزء من الثرات والعادات المغربية التي أصبحت تنقرض او انقرضت، مكنني من اقتحام هذا النوع صديقي الديبي، وأسلوب الحكي الذي كان يتميز به أبي وأمي وهما يحكيان لنا الاحاجي.
وفي الباكالوريا حصلت على هدية من أختي عبارة عن مجموعة من قصائد لافتات للشاعر الكبير أحمد مطر، حينها بدا التحول في هذا الاتجاه وسلكت مسلكه لان في داخلي ثورة مستعرة على أوضاع بئيسة تئن تحت وطأة القهر والمعاناة التي يعيشها الإنسان على امتداد الوطن العربي الذي سلم رقبته للقصاب، واحنى ظهره بعيراً للغرب في خنوع وخضوع.
امتدت رحلتي هاته إلى السنة الرابعة من الجامعة حيث اخترت بحث الإجازة في هذا الموضوع “هموم الأمة في شعر أحمد مطر”.
كان الثمن ان حرمت من إكمال الدراسة لنيل الماستر بعد اجتيازي امتحان الولوج لهذا الطور بامتياز. كما منعت عني الوظيفة، فكنت كلما سُحلت تطلع القصيدة زفرات من أعماق الجراح، القصيدة تغذت من الأوضاع الاجتماعية ومن واقع البؤس الذي يعيشه الإنسان.
ليس مهما من تكون المهم ما تتركه خلفك من أثر يدل عليك..
عنواني
إن شئت أن تعرفني
كلماتي تدلك على عنواني
سطور ألحاني تغنيك عن السؤال
لاتسل من أنا ؟
من أين جئت ؟
متى عَرفت الطريق ؟
لأرابط بقلاع صمتك بالمجان
أحطم ثمتال الإدعان
أعريه حثاً…
فيتهاوى مع مرور الزمان !!

س/ماذا يمكن للمؤسّسات الأدبيّة أن تضيف للشاعر؟
ج/ بإمكان المؤسسات الأدبية أن تفتح الباب للعمل الجاد الهادف، بالنشر والتحفيز والنقد البناء والابتعاد عن الهدم، وأن يحضر الضمير الفني وتغيب الحزازات، و الحسابات الضيقة. كما هو الحال في المؤسسات الرسمية التي تُضيق على المبدعين، وتبني بيت العنكبوت.

س/ ما مكان المرأة ومكانتها في أشعارك……..؟

ج/ لاروض بدون تفتح ورد، وأريج زهر ، ولا حياة بدون أم و اخت وزوجة وبنت، والمرأة سر من أسرار الوجود لذاك شغلت حيزا كبير في جل كتاباتي، فهي القصيدة وهي المعنى وهي نضج الكلمة:

ماء..هواء منذ كنت
سطراً مكتوبا بين الأرض والسماء
أعلنت أنك من أحلي وجدت
دخلت حياتي
ارتقيت…
قلبت الصفحة كان اسمك..
مكتوباً بلا إذن مني ومنك
يعانقه اسمي منذ ضاع مني
اشتكيت ضياعه لك..
ادعيت أنه مرصود لك
كتاب مكتوب، عنوانه أنت !!
صدق من قال وراء كل رجل عظيم امرأة.
لا يكتمل الجمال إلا بوجودها، تصور حياة بدون نساء، ستكون وجها بعين واحدة.
الكثير من قصائدي كانت المرأة ملهمتي فيها، واترككم مع هذا الاعتراف

 

اعتراف !!

إني وأنا ها هنا
بين هدير الموج
وغروب الشمس
وكل العشاق
اعترف لك بذنوبي
وبما في من عيوب
أني اخترتك
وتعمقني حبك
حد الانصهار
إن لم أسمع لك صوتا
أو أرى لك حرفا كان الانهيار
اعترف الٱن بيني وبينك
بحضور الشهود
أني أهواك منذ عهود
خفية…خلسة
وبين الٱهة أخفيك
كي لا ينكشف سري
تهجرني بسمتك
وإن ضاع بين حرقة الكتمان عمري
اعترف لأقلامي انك دنياي
حروف الهجاء ترسم أحلامي
اعترف ما بين السر وبوح السطر
أن حبك يهز كياني
ينسيني عالما من أوهام
اعترف ان هواك يعزف على أوتار ألحاني
وجع الشوق سنينا أدماني
ما اشتكيت وإن لهيبا أعياني
فكيف أكون مذنبا أو جاني ؟
اعترف لك الٱن…
أن وجودي دونك بلا معنى
فراغ يأكله فراغ…
نفق مسدود تساقطت أركانه
سماء بلا نجوم
والشمس ما عادت من غروب
اعترف لك الٱن…
أن مفاتيح دنياي بيديك
أن النهر إن غبت جف
غادرته الطيور واشتد به الظمأ
اعترف الٱن…
أن القمر لا يكتمل بدرا إلا بك
الحقول لا تزهر إلا معك
نكهة القهوة تنطفئ مع الغياب
اعترف لك بجنون الحب
أن اكتمال العشق لا يكون إلا بك
أنت أميرة كل العاشقين
اعترف لك
وكان بيني وبينك أنا وأنت
يشاركان غلال المودة والحب
يشهدان أن نبضي نبضك
أن حياتي كلها لك
إن توقف خفقان قلبي
توقف عن الخفقان قلبك !!

س/ما رأيك بالحركة الأدبيّة حاليًّا خاصّة بعد انتشار وسائل التّواصل الاجتماعيّ السريعة؟
ج/ وسائل التواصل الاجتماعي أظهرت طاقات إبداعية خلاقة بعدما كان الابداع حكرا على فئة ضيقة تملك مقومات النشر، ومنها من يريد أن تكون الساحة فارغة لتسعه وحده كي لا يدخل من يحجب عنه الرؤية فلا يرى ولايرى، ويبقى الفرز للمتلقي بجميع أطيافه، فيعمر الجيد ويتهاوى الردئ إلى بئر سحيق.

س/ هل تعتقد أنّ الساحة الأدبيّة حاليًّا تحتوي على نقّاد على قدر من المسؤوليّة؟ ومن هذا المنطلق كيف ترى مستقبل الشعر من حيث القيمة والجودة ؟
ج/ في جميع المجالات هناك من هم على قدر المسؤولية، يحترمون أنفسهم، لا يداهنون ولا يجاملون، والعمل الجيد القوي مصان لا يأتيه الباطل.
في ظل الحرب العشواء الذي يقودها أذناب التغريب على العربية فالأجيال القادمة ستعاني الضعف والوهن اللغوي. لكن تبقى أركان الشعر قائمة على امتداد الوطن العربي..
 
س/ من هو الشّاعر النّاجح من وجهة نظرك؟
وما هي مقاييس القصيدة الناجحة ؟ ومن برأيك الحكم الحقيقيّ لنجاح القصيدة؟
ج/ الشاعر الناجح هو من يعرف قدر نفسه، يسمع نبض الٱخر يحس بغيره يملك ملكة اللغة ويطوع الحروف فتلين وتستوى الكلمات حلة بهية تضمر صدقا ونبلا.
أن تكون لغته راقية تلامس أحداث العصر، سهلة رقراقة بعيدة عن الإطناب وكل ما له علاقة بالاسفاف، لغة تتأسس عليها القصيدة فتعمر لاتموت
لتكون شاعرا !

لتكون شاعرا !
قلم أظافر الحروف
كي لا تخدش صفاء القصيدة
اجمع شدو الطير…
جمال الورد …
لون الشمس….
أدي صلاة الفجر
أمزج بين الألوان
لا لون للقصيدة
هي الهواء…
هي الماء…
هي الطيب…
هي نفس مقامها العلياء
احترس من نباح…
قد يغرس نابه في جيد الكلمات!!

الشاعر الحقيقي لا ينسلخ عن واقعه، يكون مرٱة له يعكسه ويجليه يتسع قلبه لدنياه وما يلفها، ويكون لساناً لا يباع في سوق النخاسة، فيصبح مزماراً وطبلا أجوفا لغيره، ما فائدة الشاعر إن صار نعلا تلبسه الأقنعة…
ما فائدة الشعر؟

ما فائدة الشعر؟

إن لم يكن حجارة من سجيل
تحمي البيت
تزرع المستحيل
في زمن التلفيق والتضليل

ما فائدة الشعر؟

إن لم يكن لسانا وشفتين
يهدي إلى النجدين
لا يهادن ,,,لا يداهن
وإن صلب على أبواب المدائن

ما فائدة الشعر؟

إن لم يكن عشتار
خصوبة بابل
سلوى الحدائق
وأنشودة المنابر
يسقي النهر الذابل

ما فائدة الشعر؟

يا نزار
إن لم يكن للآذان آذان
ولا للقلوب أوتار وأذهان

ما فائدة الشعر؟

يا ابن شداد
إن لم يحمل سيفا
أو يركب حصانا
إن لم يكن للأوطان عنوانا

ما فائدة الشعر؟

إن ذبلت وصايا لقمان
انسلخ الإنسان عن الإنسان
في زمن الدفوف والقيان

ما فائدة الشعر؟

إن أصبح مخصيا
واختبأ في جدائل النسوان
إن أصبح خلخالا
تضرب به الأرض
ولا تسير به الركبان

ما فائدة الشعر؟

إن لم يبذر قلما
إن لم يرفع علما
إن لم ينصب سلما للسماء
ولا يركع من أجل البقاء

ما فائدة الشعر؟

إن كتم الأنفاس
حتى لا يهان أو يداس


س/ هناك من يعشق لقب شاعر، إذ بتنا نلاحظ في الآونة الأخيرة كثيرًا من الكتّاب يلصقون لقب شاعر أمام اسمهم رغم أن لا علاقة لهم بالشعر؟ هل ترى أنّ اللقب يعطي قيمة لصاحبه؟ وهل تعتقد أنّ هناك مميّزاتٍ للشّاعر من حيث الإحساس والمشاعر والعاطفة..؟
ج/ كما يعطيه لقب الحاج لمن سعى له، وبدل من أجل ذلك الجهد والمال، وظل في غيه لا يرتدع عن فساد وسوء أخلاق. لكنه يبقى أجوف نخب هواء، أوكعجل السامري يحدث صفيرا كلما هب الريح.
الألقاب لا تعبر عن أصحابها، وهي كالنفخ في الكير إن لم يكن يستحق ذلك، ما فائدة ان تكتب لقب شاعر وأنت دون ذلك.
وجب كنس كل الألقاب ولا عتاب. دع عملك يلقبك، لكن للأسف هذا يدل على نقص واختلال توازن…

س/ هل توافق على مقولة إنّ إصدار الدواوين هو إثبات للذات أولًا وأخيرًا…؟
ج/ الجيد منها إثبات للذات، فالكثير مما يطبع لا يمت بصلة إلى الشعر، فليس كل ما يلمع ذهبا…

س/ ما هي العوامل التي أدّت إلى الحدّ من انتشار الكتاب الورقيّ في عالمنا العربيّ، هل تعتقد بأنّ وسائل الاتصال الحديثة التي سهلت الحصول على النسخ المجانيّة إحدى هذه العوامل؟

ج/ هناك عوامل عدة منها: وسائل الاتصال الحديثة الذي أصبحت في المتناول، ويسرت الوصول إلى المعلومة وبسهولة تامة.وكذا العزوف عن القراءة، وعدم القدرة على اقتناء الكتاب هذا قبل ظهور هذه الوسائل.

س/ أيّ أنواع الأدب يستحوذ على اهتمامك بعد الشّعر طبعًا،ولماذا؟
أيّ أصناف الشّعر الأقرب الى روحك؟
ج/ الرواية طبعا، لكن الظروف أصبحت تعيق أن يخصص الفرد وقتا للقراءة، يستهويني الشعر الحر لأنه أرحب للتعبير عن الإنسان ولأنه وظف لذلك لغة رصينة تربط المتلقي بواقعه، وكذلك لسمو التعابير والإيحاءات الرمزية والأسطورية والانزياح الذي استعمله الشاعر الحديث ليضفي جمالا خاصا على القصيدة بجميع أبعادها….

س/ هل كان لشاعر ما تأثيره عليك، وعلى نهجك في مسيرتك الشعريّة؟
ج/ لا يولد الانسان وحيدا بل لا بد له من أسرة تأويه وترعاه وتشد عضده حتى يشتد عوده، كذاك الشاعر يمر عبر هاته المراحل يثأتر بنهج غيره ويسلك مسلكاً سالكاً كي لا يتعثر في طريقه.
في بداية مسيرتي المبكرة اقتفيت أثر شعراء المدرسة الرومانسية أمثال إيليا أبو ماضي وأبو القاسم الشابي وجبران خليل جبران، لأجد طريقا ٱخر جذبني يدافع عن الكرامة والعزة الإنسانية غير هياب ولا وجل من رفع صوت الحق مجلجلا في وجه الفساد المستشري في عروق أمة طالها الوهن والضعف، فضاعت إرادتها وهيبتها بين الأمم، وقد مثل هذا التيار الشاعر العراقي الكبير أحمد مطر ومظفر النواب ونزار قباني ومحمود درويش الذي ظل في خندق الدفاع عن قضية فلسطين ضد الاحتلال الإسرائيلي الغاشم.
لكن ما فتئت ان شققت طريقاً خاصا أسلكه بقصائد أختلفت الوانها، و زوارق حروف ركبت بها البحر لا أخشى من الغرق، المهم أن أتنفس من خلال القصيدة نسيم الحرية والكرامة، وأقول لا للظلم والفساد والإستبداد في زحمة النَّعم، وقد كان لي السبق في قصائد عدة مثل هذه القصيدة

في الزمن الأول!!

في الزمن الأول!!
مع ولادة التاريخ
من صلب الحجر
من شرارة النار
لأول بركان
تنزع ملكية الجسد
من الروح
لتكون القرابين فريضة
السخرة ركن عبادة
الصخر مقام لهرم الرب
في صرح جراح الألم
يخور العجل صفيرا
تسقط الألواح
تبتلعها تجاويف التخريف
تصفق الريح
تولي وجهها
القليس يأتيها الحجيج
لا يسقط الفيل صريعا
حجارة سجيل
تساقط رطبا جنيا
بردا وسلاما ..
يتناسل العلم أعلاما
في الركن الشرقي
وَلد اليتيم أيتاما
تكبر في الصحراء
تخشاها الذئاب غدرا
تعصر في البيت المعمور خمرا
ذاك النهر يجري
يغير مجراه
في الزمن الأول
على ضفاف البحر
تغتصب الأميرة
تسقط في الأسر أسيرة
تفك ضفائرها
من خيبة الزمن الهلامي
تدور في رحى دائرة الأوهام
في الزمن الأول !!
لا بداية للبدايات
لا بداية للكلمات
بداية الطريق موج
على أعتاب الجودي
يسقط صريعا
نبات الأرض تتولاه السماء
في الزمن الأول !!
تعشق الموت الحياة
لا تختار نهاية للنهايات
تواري قبح الفصل الأخير
صدر الشقي تتولاه الأوهام
في الزمن الأخير !!!
صدر الشقي تتولاه الأوهام
تواري قبح الفصل الأخير
لا تختار نهاية للنهايات
تعشق الموت الحياة
في الزمن الأول!!
نبات الأرض تتولاه السماء
يسقط صريعا
على أعتاب الجودي
بداية الطريق موج
لا بداية للكلمات
لا بداية للبدايات
في الزمن الأول!!
تدور في رحى دائرة الأوهام
من خيبة الزمن الهلامي
تفك ضفائرها
تسقط في الأسر أسيرة
تغتصب الأميرة
على ضفاف البحر
في الزمن الأول!!
يغير مجراه
ذاك النهر يجري
تعصر في البيت المعمور خمرا
تخشاها الذئاب غدرا
تكبر في الصحراء
وَلد اليتيم أيتاما
في الركن الشرقي
يتناسل العلم أعلاما
بردا وسلاما
تساقط رطبا جنيا
حجارة سجيل
لا يسقط الفيل صريعا
القليس يأتيها الحجيج
تولي وجهها
تصفق الريح
تبتلعها تجاويف التخريف
تسقط الألواح
يخور العجل صفيرا
في صرح جراح الألم
الصخر مقام لهرم الرب
السخرة ركن عبادة
لتكون القرابين فريضة
من الروح
تنزع ملكية الجسد
لأول بركان
من شرارة النار
من صلب الحجر
مع ولادة التاريخ
في الزمن الأول!!

* كلمة تحبّ توجيهها إلى القرّاء:

_ أهم ما يمكن أن أتوجه به إلى القارئ أن يتحرى الصدق في الكلمة، والصفاء في المعنى، أن يختار الجيد ولا يصلب المواهب على أعمدة العنصرية، والأفكار الضيقة التي تحكمها الأنانية، وأن يتسع صدره لكل جميل وإن ابتعدت المسافات بين هذا وذاك..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.