محمد النعمة بيروك: ” أنا ضد الذين ينتقصون من المسابقات الأدبية، وأنصح المبدعين الشباب بالقراءة أولا”

 أجرى الحوار : الأستاذ عمر لوريكي/ 

عمر لوريكي : تحية طيبة الشاعر والروائي محمد النعمة بيروك، مرحبا بك بين ثنايا الجريدة، حللت أهلا ووطئت شعرا وأدبا وسهلا، بداية هلا عرفتنا على محمد النعمة بيروك لجمهور الأدب والمبدعين:

ج/ الله يحييك أستاذ عمر، أعتقد أن حديث المرء عن نفسه أمر صعب، لكن يمكن أن تقدّموني لقرائكم على أنني أحاول أن أكون شاعرا وروائيا، مجاز في الأدب العربي، وحاصل على دبلوم الدراسات العليا في نفس الشعبة، الأصل من مدينة كليميم، وأقيم الآن بمدينة العيون.

س/ منذ متى بدأت الكتابة؟ ومن شجعك على ذلك؟

ج / لم تكن للكتابة أسبقية في حياتي لاعتبارات موروثة، ذلك أن الأدب في مجتمع الصحراء كان أدبا شفويا، لذلك كانت علاقتي بالقراءة أقوى ككل الناس، بكتاتيب القرآن الكريم، مرورا بحفظ أشعار جدّي الشاعر الكبير محمد سالم ولد عبد الفتاح، وهو شاعر معروف على مستوى وطني وعربي، فقد كتب عنه مجموعة من المؤرخين والنقاد المغاربة منهم المؤرخ المختار السوسي، والدكتور عباس الجيراري وغيرهم، كما يوجد اسمه في قائمة شعراء البابطين الكويتية مثلا، أما الكتابة بالنسبة لي فقد جاءت متأخرة، وكانت بوادرها في المستوى الثانوي من الدراسة، وقد شجّعتني بعض التجارب الخجولة التي كانت ترشح هنا وهناك على استحياء في بداية التسعينيات، غير أن الانعطاف الأبرز نحو هذه الكتابة، خصوصا في شقها السردي، كان في المرحلة الجامعية، حين تأثرت بالدكتور الأديب عبد النبي ذاكر، الذي لم يكن أستاذا بالمعنى التقليدي للكلمة، بل كان مبدعا في حد ذاته، وقد شجّعنا على الإبداع من خلال بعض التجارب العربية والعالمية في القص القصير والرواية.

س / هل تأثرت بأستاذ أو أديب أو شاعر ما؟ ما سبب في ذلك؟

ج/ نعم، تأثّرتُ بجدّي أوّلا كشاعر عمودي معروف، ثم لاحقا علّمني الشاعر الكبير محمد عبد الرحمن الدرجاوي أسس النظم وأنا طفل حين قطن بجانب بيتنا، فبعثتني إليه والدتي التي كانت تربطها به علاقة قرابة، كما تأثّرت ببعض المعلّمين والأساتذة خلال المراحل الأولى من التعليم، لكن تأثير الدكتور عبد النبي ذاكر في المرحلة الجامعية، كان له وقع أكبر، كما أنه كان في مرحلة متقدّمة من النضج، خصوصا في اتجاه الكتابات السردية الحديثة.

س / أي الأجناس الأدبية تجذبك أكثر للكتابة؟ ولماذا؟

ج/ في مراحل معينة كانت الكتابة الشعرية طبعا، لكنني الآن أجد نفسي أميل إلى الكتابة الروائية، على غرار مجموعة من الشعراء الذين انتقلوا إلى ما هو سردي، ربما لأننا وجدنا في الرواية متسعا أكبر للتعبير، بعيدا عن مكبّلات الوزن والقافية، لكن دعني أقول لك إن الميول إلى الكتابة السردية لم يقطع علاقتي بالشعر مطلقا، فمازالت علاقتي بالقصيدة قائمة، ومازلتُ أتنفس الشعر كلما شعرت أنني في حاجة إلى أكسجين.

س / فزت مؤخرا بأفضل قصيدة فصيحة في مسابقة “سفراء الأدب” في دورتها الأولى بمدينة أكادير، تهانينا لك…
ما المسابقات الأخرى التي فزت بها؟

ج / سبق أن فزتُ بمجموعة من الجوائز الأدبية على مستوى الشعر والنثر، منها مثلا جائزة “مؤسسة عبد القادر الحسيني الثقافية” للرواية سنة 2014 بالقاهرة بمصر عن رواية “كولومينا”، وجائزة أحمد بوزفور العربية للقصة القصيرة عن نص بعنوان “الرواية” سنة 2015 ببلقصيري، أضف جائزة الروداني بتارودانت عن قصة بعنوان “المشط” سنة 2016، كما وردت روايتي “الأروقة السوداء” في القائمة الطويلة لجائزة “راشد بن حمد الشرقي” بالإمارات العربية المتحدة 2019، وفي أدب الفتيان فازت روايتي “أوتوستوب” بجائزة “دار شأن للنشر والتوزيع الأردنية” بالعاصمة عمّان هذه السنة.
بالنسبة للشعر كانت “جائزة الرابطة المحمدية للعلماء” سنة 2018، والآن جائزة “سفراء الشعر لأفضل قصيدة”، في ملتقى “سفراء الأدب” في نسخته الأولى، بأغادير.

س / برأيك ماذا تضيف المسابقات للشاعر المبدع؟ هل لها أهمية في المسار الإبداعي للأديب؟

ج/ طبعا، كنتُ دائما ضدّ الذين ينتقصون من أمر هذه المسابقات، فقد كانت لي، وماتزال، زاويتي الخاصة في النظر إليها، فأنا أراها فرصة لوضع منتوجك الأدبي أمام اللجان الكبار التي تتكون عادة من خيرة الكتاب والأدباء، والأهم النقاد، وحتى السعي للربح المادي لا أرى فيه غضاضة، فهو من حق المبدع، أضف ما توفره هذه المسابقات من فرص للطبع والنشر والتوزيع للكاتب على المستوى العالم العربي، وأحيانا على مستوى العالم من خلال ترجمة بعض الأعمال الشعرية أو غير الشعرية الفائزة، غير أنه ينبغي للشاعر، أو المبدع عموما، انتقاء المسابقات الجادة التي تقدّم للكاتب أو الشاعر إضافة حقيقية.

س / بم تنصح المبدعين الشباب؟

ج / إن جاز لي أن أنصح، فهناك نصيحة مكررة كثيرا، لكنها هي الحل في الحقيقة، وهي القراءة أوّلا وأخيرا، فلا يمكن للمرء أن يكتب دون أن يقرأ، ولتكن قراءة مركزة في المجال الذي نحبه ونميل إليه.

س / كونك تقطن بمدينة العيون، هل تتوفر المدينة على جمعيات أدبية؟ وإذا كان لا فما المانع من تواجدها؟

ج/ بلى، توجد جمعيات وجهات تهتم بالمجال الأدبي، كجمعية النجاح، وجمعية شراع، وغيرهما، أضف بعض الجهات الثقافية الرسمية، غير أن الوضع الأدبي مازال يحتاج انتعاشا أكبر في ضوء انتعاش المنطقة ككل في هذا المجال، مع تراكم كمي من الإنتاجات الأدبية، خصوصا في الكتابة الرواية.

س/ هل برأيك تفشي كوفيد 19 سبب مقنع لإيقاف الأنشطة الأدبية الثقافية؟ كيف نبتكر طرقا لجعل الحياة الثقافية مستمرة رغم الأزمات والكوارث؟

ج/ ما من شك أن الأنشطة الأدبية تراجعت كثيرا في ظل الكوفيد، وقد تمخض الوضع عن البحث عن تواصل أدبي من خلال الوسائل الإلكتونية، وبعدها عبر اللقاءات على أرض الواقع، مع أخذ تدابير احترازية، لكنها وسائل غير مجدية كثيرا، كانت دائما تنقصها نسمة الحميمية والتلقائية، فقد كان شبح الوباء دائما في الخلفية، ورغم ذلك أرى أن يستمر البحث عن طرق للتواصل الأدبي، في انتظار أن تنقشع الغمة، ويذهب الكوفيد إلى غير رجعة، بحول الله.

س / هل تعرضت نصوصك الأدبية للنقد؟ ما أثر النقد على الكاتب المبدع؟

ج/ أغلب مؤلفاتي خضعت لأقلام النقاد، بدءا برواية “كولومينا” التي عرفت عدة قراءات، منها قراءة للناقد والأديب الدكتور لغلى بوزيد، أضف قراءة للناقد الأستاذ محمد لمين بنة، والروائي الأستاذ أحمد بطاح، والأستاذ علي بوخار، وغيرهم، وكذلك رواية “الأروقة السوداء” و”النيل لا يضحك كثيرا”، كلها أعمال سردية عرفت قراءات متعددة في أزمنة متباينة، وكذلك دواويني الشعرية، فقد عرف ديوان “تراتيل الطلح” قراءات لعدة نقاد، منهم الدكتور عبد الرحمان الخرشي، والدكتور عبد العزيز ساهر، والشاعر عبد الواحد بروك، وغيرهم.

كلمة أخيرة : 
أولا لابدّ من تقديم الشكر لجريدتكم الغراء، ولقرائكم الأوفياء، كما أتقدّم بالشكر بشكل خاص لك شخصيا الشاعر والكاتب والصحفي الأستاذ عمر لوريكي، وشكرا أخيرا وكثيرا للأدب الذي جمعني بكم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.