جمال حدادي يكتب : على هامش اللقاء الأدبي لقراءة عمل المبدعة السيدة حجيبة عمار

في لقاء ذات سبت تأسس على المصالحة مع الذات، الذات المبدعة في شخص المبدعة السيدة حجيبة عمار، حيث عمرت أرواح خفيفة عطرة قاعة منار المعرفة للتعرف إلى إبداع بتاء التأنيث المتكلمة، تاء التأنيث التي انهالت باتهامات شتى هي في إطار المداولة في الحكم على المخاطب و الغائب إن لم نقل جمع المذكر السالم، في لقاء ذات سبت، تسللت أضواء القارئ الحصيف اللامع الرائع، الدكتور سيدي مصطفى سلوي إلى شقوق بيضة خدر “حكايات لاكشمي”، باحثا عما تسلل من خلال شقوق ذاك الإبداع من آثار تقتفى لتتبع خطى المبدعة من خلال عملها.
كمولود أول هو، و في المنطلق كبعد أول تبوح شذرات السرد بعبق الأمومة، هذه المحطة التي تلازم كل أنثى، منطلقا في الماضي، مسيرا في الحاضر، أو نهاية السير في المستقبل، بيولوجية كانت أم امتدادا نحو الجدة ثم الأم ثم حين تصير أما ثم بنتا، أو بعض الأحيان أكثر من هذا كله، الأمومة نهر جار لا حد له و لا ضفة و لا ساحل و لا شط، لا ينضب و لا سبيل إلى كف سيله حين تكون الأنوثة أكثر من كلمة تعني ضد “الذكورة”، كي تمتد تلك الأمومة نحو الإخوان و الأب و الأسرة كافة.
و تسير المبدعة في قصصها القصيرة بخطا ثابتة نحو الأمداء في سفر، مخترق للعوالم، باحث في المجهول، مرافق للتجارب، باحث عن الوجهة، و تائه فيها، وحده الحدس الأنثوي يقودها، و بوصلة الحياة، لا تهم اللقاءات بقدر أهمية المحطات، و الوازع الداخلي الموجه من محطة إلى محطة، في مراحل الاستكشاف التي تأبى أن تنظر من خلالها المبدعة إلى ساعتها إلى مذكرتها، لا تهم الأيام المتتالية، فالسفر مطيل للعمر، و العمر سنون تحيا فيها و تحيا بها.
و لا مسير يحلو سوى مع الرفيق، و لا صديق سوى ذلك الذي يشاطر الطريق، وحدها الصداقة هي الزاد، يتقاسمه كلاهمها، في سفر هدفه الأفق و في الأفق تجليات النموذج، و تمظهرات المثالي، الذي كلما وجدنها نبذناه كتلك اللعبة التي يشتريها الطفل صباحا ثم في المساء تراها في ركن ركين و قد فقدت بريقها.
حيث توجد آخر محطة في المجموعة القصصية ألا و هي الهدف، إذ لا كتابة بلا هدف، و لا هدف يتحقق دون ارتواء من الإبداع، و إذا كان هدف الإبداع هو الإمتاع فقد فاقته المبدعة بعملها حيث انتزعت اعترافات قارئي عملها بأن العمل باكورة و بعدها سيأتي إبداع آخر، إبداع في شكل عطاء قادم في مستقبل الأيام، لأن الكتابة صيرورة، و إذا كان حكايات لاكشمي مصالحة مع الذات فقد آن الأوان للمصالحة مع الآخر، و في انتظار المصالحة، تتركنا المبدعة مع ذاتها من خلال كتابها، بعد أن قرأت بعض قصة استطاعت أن تستدرج السامع بما قرأت على سبيل ما قامت به شهرزاد، بلغتها التي تخالف جدا لغة الرجل، على لسان أستاذنا الخبير سيدي مصطفى و قد رفع الكتاب إلى مصاف مرتبة المتميز عما كتبت نساء العالم من الشرق إلى الغرب، و تبقى المرأة كاتبة و مبدعة على قدر الجلالة في مجال الإبداع، حيث التميز بتطرقها لموضوعات أنى للرجل الكتابة فيها، فإن كتبت، فاقته و بزته، و كذلك تفعل المبدعات، و كذلك فعلت السيدة حجيبة عمار.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.