علال الجعدوني يكتب ورقة أدبية في حق الهاكيست المغربية خديجة ناصر .

الهايكو هو نوع من الشعر الياباني ويطلق عليه كذلك فن الرينجا ، انتشر في القرن الخامس عشر ، وهو عبارة عن قصائد يكتب كل قصيدة فيها عدد من الشعراء بشكل جماعي بالتناوب ، حيث يضيف كل واحد أبياتا شعرية مكونة من سبعة عشر مقطعا لفظيا (٥-٧-٥) أو أربعة عشر مقطعا لفظيا (٧-٧) إلى أن تنتهي القصيدة لتستوفي مائة بيت شعري ، وطبيعة القصيدة كلاسيكيات يستلهم الجماليات القوطية .

وفي القرن السادس عشر سيظهر الهاكياي الكوميدي وهو شعر هزلي كان يسمى ب ( هاكاي – رينجا ) وهو شبيه بالسابق إلا أنه أشبه بالشعر الحلمنتيشي تستعمل فيه نكاتا عامة ، مع اللعب بالألفاظ ، لكن سرعان ما انفصل عن هذا الفن شعراء الهوكو بحيث كانوا يصفون أحد فصول الطبيعة مثل شعراء الجاهلية العرب ويسمى الكيجو .
وهكذا استمر هذا الفن الشعري يرتقي ويتطور إلى أن برع فيه العديد وبدأوا باستخدام ألفاظ معينة في الجناس والسجع والتورية ومنهم من اعتبر أن القيمة الحقيقية لهذا الفن تكمن في الأشياء التي تبدأ ظاهرياً بلا معنى أو هدف وان الحياة وفقا للطبيعة هي افضل وسائل العيش .
لكن هذا الإبداع لم يبق محصوراً في اليابان وماجاورها بل تخطى الحدود عن طريق الترجمة إلى الإنجليزية ومنها إلى العربية ويمكن اعتبار الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة من بين الشعراء الذين اهتموا بالهايكو ولو أن بعض النقاد العرب لم يعتبروه كمدرسة شعرية مستقلة بل فرع من شعر النثر .
لكن نجد الهايكو قد طفا على السطح واحتل مكانة متميزة في الساحة الثقافية العربية ، وأبدع فيه عشرات بل مئات من الفنانين والفنانات ومن بين هؤلاء ، هناك الشاعرة البارعة والمتميزة صاحبة الحبر الفياض الأستاذة * خديجة ناصر * صاحبة الديوان الجميل : * على جدار الصمت * .
والمطلع على هذا الديوان سيكتشف أن الهايكيست خديجة ناصر امتطت البحر برغم أمواجه المتلاطمة ، وغامرت مغامرة لتعانق هذا الجنس الأدبي الشعري المعاصر والوافد علينا عن طريق الترجمة ، لتبرز فيه ، وتأخذ تجربة إبداعية تستحق القراءة بتمعن ، لكونها وظفت تيمات بمنهجية راقية محترمة القواعد التي تكتب بها قصائد الهايكو ، إنها وظفت أسلوبا تعبيرية بسيطا مترجمة المشاعر الجياشة والأحاسيس العميقة ، متبنية الحركة الصورية بواسطة ألفاظ بسيطة بعيدة عن التأنق ، تصف الحدث أو المنظر بعفوية ومن دون تدبر أو تفكير ،على شاكلة شعراء الهايكو اليابانيين ،محاولة صب الانطباعات المتدفقة في قالب شعري رائع وجميل جدا ، وغالبا ما تكون الصورة محسوسة ،مترابطة العناصر ، وليس هذا بل استطاعت الحفاظ على تركيبة الهايكو بالمحافظة على اللحظة التي يكتب أو يتحدث فيها الشاعر ،فتقريبا حافظت على الحالات النفسية والسياقية الاجتماعية والثقافية المسايرة للمواقف من منظور إبداعي جميل جداً .
وقبل ما أختم فالشاعرة خديجة ناصر لم تخرج عن شروط الهايكو الذي يضم ” كيغو ” باليابانية. والمقصود من الكلمة المواسم التي هي الفصول الأربعة : الشتاء والربيع والصيف والخريف .
وخديجة ناصر هايكيست بامتياز بعدما خاضت تجربة ميدانية ساعدتها على تطوير كتابتها في فن الهايكو محليا ووطنيا وحتى عربيا ، وهذا راجع إلى ثقافتها الموسعة بين لغة الضاد ولغة موليير . إنها مترجمة متميزة ، وموفقة ، قد ترجمت عدة كتب من الفرنسية إلى العربية منها ما هو موزع بالمكتبات ومنها ما هو تحت الطبع .

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.